القرية التراثية بالعامرات.. منصة تدعم الحرفيين وتجسد الثقافة العمانية
تعتبر القرية التراثية بمهرجان ليالي مسقط منصة لعرض المنتجات الحرفية والتقليدية كالفضيات والخشبيات والفخار وصناعة العطور والبخور وخياطة الملابس النسائية على مختلف أنواع القماش وخياطة الكمة الرجالية التي تتفنن النساء في رسم نقوشها ورسم نقوش أخرى بالحناء لتزيين أيدي النساء، إضافة إلى الوجبات الشعبية العمانية، مما يدعم كل الحرفيين ويحفزهم على استمرارية الصناعات اليدوية التي تمثل جزءًا أساسيًا من الهوية الوطنية، من خلال التعريف بمنتجاتهم وبيعها بشكل مباشر للجمهور، ليحصل الحرفيون على دخل مستدام يعزز من استمرارية هذه المهن، ويسهم في الحفاظ على التراث الحرفي من الاندثار.
كما تشكل الأركان التراثية عنصر جذاب في غالب المهرجانات سواءً كانت للعمانيين أو السياح، وخصوصا عندما تشدوا ألحان الفنون الشعبية العمانية بمختلف أشكالها ويتوافد الكثير من الناس لحضور القرية التراثية وتحاوطهم الأركان الشعبية لتكون سببا لدفع فضول الزوار للتعرف على المعروضات المتواجدة في الأركان وخصوصا عندما تفوح رائحة البخور واللبان مما يعزز ذلك توافد السياح للإنفاق على المنتجات التقليدية والهدايا التذكارية، ويعزز هذا الإقبال من إيرادات المهرجانات وينشط الاقتصاد المحلي.
كما تتيح هذه المهرجانات المختلفة فرصة للشباب ورواد الأعمال للدخول في سوق العمل عبر تقديم منتجاتهم وخدماتهم المستوحاة من التراث العماني مما يدعم الآباء والشباب المشتغلين في هذا المجال، وإتاحة الفرصة لهم للتسويق لأنفسهم ومشاريعهم ومنتجاتهم مما يفتح لهم المجال أمام شراكات تجارية واستثمارات طويلة الأجل مع الشركات المحلية والخارجية أو حتى المؤسسات الحكومية.
وأوضح عبد الله بن خميس اليعربي، أحد المشاركين الحرفيين في مهرجان ليالي مسقط بالعامرات أن مشروعه يعتمد على تصميم وتصنيع المجسمات الخشبية باستخدام أعواد المشاكيك أو الخيزران، مع تشكيلها وتزيينها بأسلوب فني يعكس التراث العماني.
وأشار اليعربي إلى أن الإقبال على ركنه الحرفي كان جيدًا في أيام الخميس والجمعة، بينما يقل الحضور في بقية أيام الأسبوع بسبب ارتباط الكثير من الأسر بفترة الاختبارات.
وأضاف: "رغم الإقبال في بعض الأيام، إلا أن مستوى الدخل هذا العام أقل مقارنة بالأعوام السابقة، إذ كانت المهرجانات في السابق تشهد ازدحامًا أكبر وقوة شرائية أعلى، وقد يكون السبب في ذلك تعدد الفعاليات المقامة في مواقع مختلفة، مما أدى إلى توزع الجمهور".
وعن أهدافه من المشاركة، أضاف اليعربي: "هدفي الأساسي هو استعراض الحرفيات التراثية والاحتكاك بالجمهور لتعريفهم بمشروعي، بالإضافة إلى تبادل الخبرات مع زملائي الحرفيين المشاركين في المهرجان، كما أن المشاركة في المهرجان تمثل فرصة حقيقية لاستقطاب زبائن جدد يمكن أن يتواصلوا معنا حتى بعد انتهاء المهرجان وقد جربنا ذلك في مهرجانات سابقة ".
وأكد اليعربي على أهمية الترويج للمشاريع عبر منصات التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنها أصبحت أداة رئيسية للتسويق في عصر التكنولوجيا، واختتم بقوله: "علينا أن نواكب التطورات ولو بقدر بسيط لضمان استمرارية مشاريعنا وزيادة انتشارها".
وقالت إلهام بنت يونس المعمرية، صاحبة مشروع نقش الحناء من ولاية قريات: إن الإقبال على الركن التراثي الذي تشارك به كان جيداً بشكل عام، مع تفاوت ملحوظ حسب أيام الأسبوع، وأوضحت أن الإقبال يكون أقل خلال أيام العمل مقارنة بالإجازة الأسبوعية التي تشهد حضورًا جيدًا وأرجعت السبب في ذلك إلى انشغال الأطفال حاليًا بفترة الاختبارات، مما يصعّب على بعض الأسر زيارة المهرجان.
وأشارت المعمرية إلى أن هدفها الأساسي من المشاركة في المهرجان هو تحقيق انتشار أوسع لمشروعها المنزلي خارج نطاق الولاية قائلة: "كنت أعمل في هذا المشروع ضمن نطاق منطقتي فقط، ولكن بفضل ودعم مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح لدي زبائن من مختلف المناطق، حيث ساهم نشر زبائني لنتاج عملي على منصات التواصل المختلفة مع مشاركة حسابي ورقم هاتفي، مما أدى إلى زيادة الإقبال على عملي وتعزيز استمراريتي لأنه مصدر دخلي"، مؤكدة أن مشاركتها في المهرجان تعتبر فرصة قيمة للتعريف بمهاراتها في نقش الحناء، وستتيح لها فرصة للتوسع وإثبات قدراتها في هذا المجال كما أنها فرصة للتسويق لعملها لما بعد المهرجان.
وأكدت فاطمة بنت عوض عبد الله، إحدى المشاركات من ولاية صلالة في مهرجان ليالي مسقط بالعامرات أن مشاركتها الدائمة في المهرجان تعود إلى كونه فرصة قيمة للترويج للمنتجات المحلية التي تقوم بتصنيعها من عطور وبخور، موضحةً أن المهرجان يتيح لها إبراز جودة منتجاتها وقيمتها الثقافية من خلال التسويق المباشر والتفاعل مع الزوار.
وأشارت فاطمة إلى أن الإقبال هذا العام كان أقل مقارنة بالسنوات الماضية، ما أثر على مستوى الاستفادة المالية المعتادة، فعادةً، يسجلون استفادة مالية جيدة من خلال المشاركة في المهرجانات والمعارض مقارنة بالبيع من المنزل، ولكن هذا العام لم يكن الحال كما هو متوقع حتى الآن.
ورغم ذلك، أكدت فاطمة على أهمية المشاركة في المهرجانات لتعزيز حضور المنتجات المحلية التي تقوم الأسر المنتجة بتصنيعها واستمرارية التفاعل مع الجمهور للترويج لمنتجاتهم، مما يسهم ذلك في دعمهم كون هذه المشاريع تعتبر هي مصدر دخل يعتمد عليه.
أوضحت عايدة بنت عبد الله الحمداني، صانعة الوجبات العمانية المشاركة في المهرجان أن الإقبال خلال الأيام الماضية كان "لا بأس به"، مع تزايد ملحوظ خلال عطلة نهاية الأسبوع، مشيرةً إلى أن مشروعها لا يقتصر على كونه مصدر دخل فحسب، بل يعد وسيلة للترويج للثقافة العمانية من خلال الترويج للمأكولات التقليدية، وأوضحت إلى أن الدخل خلال أيام المهرجان كان أفضل بالنسبة لها مقارنة بالأيام العادية قبل المهرجان، حيث أتاح لها للوصول إلى جمهور أوسع.
وعن التحديات التي واجهتها قالت الحمدانية: "إن من أحد التحديات كان التقيّد بإعداد أنواع محددة من الأطعمة التي يسمح المهرجان بتقديمها، وعدم المشاركة بالأطباق التي تحتوي على اللحوم والدجاج، ربما لتجنب مخاطر التلف لأنها معرضة إلى أن تفسد، مع ذلك أوضحت أن الوقت قصير من العصر حتى المساء، مما يجعل هذا القلق غير مبرر، خاصة أن جميع الأطباق تُحضر طازجة ومباشرة على النار".
وأشادت الحمدانية بالمهرجان كونه فرصة من الممكن أن تساهم في تعزيز الدخل وترويج الأطعمة العمانية التقليدية، مؤكدة أن هذه الفعاليات تلعب دورًا محوريًا في دعم المشاريع الصغيرة وتحفيز الابتكار في تقديم التراث الغذائي بأسلوب عصري يستمتع بها المتذوق.