محافظة ظفار والمليون زائر

02 سبتمبر 2024
02 سبتمبر 2024

مع اقتراب نهاية موسم الخريف الاستثنائي للعام الجاري 2024م بجميع الجهود المبذولة لاستقبال الزوار وبالأجواء الخلابة الرائعة الماطرة ونسمات الهواء اللطيفة، إضافة إلى تنوّع الفعاليات والمناشط المختلفة المقامة على ضفاف وادي دربات وفي المواقع التراثية وفي المواقع السياحية الأخرى مثل العيون المائية والمتنزهات والسهول كسهل أتين، هذا الموسم الاستثنائي لم يقتصر فقط على المرافق السياحية وجمال المكان والأجواء وحسب؛ فالمؤشرات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تشير إلى وصول زوّار محافظة ظفار عتبة المليون منذ بدء الموسم حتى تاريخ 15 أغسطس الماضي بعدد (816.081) ألف زائر بارتفاع 10.3% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، هذا الرقم شهادة واضحة على نجاح الموسم بامتياز، ويشير إلى تشجّع الزوّار لزيارة المحافظة هذا العام أكثر عن الأعوام السابقة، ولولا انتهاء الإجازة الصيفية وعودة الموظفين لمقار عملهم والطلبة إلى مقاعد دراستهم؛ لشهدنا استمرار التدفق السياحي إلى المحافظة من داخل سلطنة عُمان وخارجها مع دخول موسم الصرب الذي يتميّز بنسمات الجو المعتدلة وظهور المسطحات الخضراء على مساحات واسعة من السهول، وربما تتجاوز الأعداد أكثر من مليون زائر؛ فلا يسعنا إلا أن نقول شكرا للجهات ذات العلاقة على الجهود المبذولة لإنجاح موسم الخريف، وأخص بالذكر بلدية ظفار التي سعت جاهدة إلى تحديث المواقع السياحية والأثرية وأضافت لمسات ابتكارية، وهيّأت المرافق لممارسة الأعمال التجارية، ونظّمت البرامج والفعاليات لضمان توزّعها على عدة مواقع، هذه الجهود أسهمت في تشجيع السياح للقدوم للمحافظة، شكرا لأشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي على زيارتهم لمحافظة ظفار وتشجيع من حولهم للزيارة عبر نقل الصورة الحقيقية عن التطوّر الذي تشهده المحافظة منذ سنوات وجاهزيتها لاستقبال السيّاح، شكرا لوزارة الإعلام على برامجها المتنوّعة وجهودها الاتصالية في الترويج لموسم الخريف عبر سلسلة من الفقرات التلفزيونية والإذاعية عبر استضافة إعلاميين من دول مجلس التعاون الخليجي الذي عزّز التعاون والتكامل في الجوانب الإعلامية بين الأشقاء الإعلاميين من حيث الأسلوب والمنهجية واستخدام المفردات الإعلامية الرصينة وأسس الحوار الإعلامي الناجح، مما انعكس إيجابا على حجم التدفق السياحي من دول الجوار إلى المحافظة.

ما سرّني استمتاع السيّاح بأجواء الخريف ورضاهم عن مستوى التحديث الذي تشهده المحافظة سنويًا لتكون معززا لقطاع السياحة ورافدًا اقتصاديًا يسهم في رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان خلال السنوات المقبلة. أيضا ساعد مستوى التكامل الترويجي والتسويقي عن المحافظة في رسم صورة مشرقة عن السياحة في محافظة ظفار تمثّل ذلك بتداول المقاطع المرئية والصور عن الفعاليات والمناشط المقامة في شبكات التواصل الاجتماعي وتغطية غالبيتها عبر الإذاعات الخاصة، والأهم من ذلك تابعنا مستوى الارتياح المجتمعي عن ما يُبذل من جهود حكومية متكاملة ومتسّقة مع تطلعات المجتمع مما يحقق مبدأ المشاركة المجتمعية بين ما يخطط له وبين ما يرجوه أفراد المجتمع من تنمية وتطوّر للمحافظة خلال موسم الخريف خصوصا.

لن أتحدث عن بعض الملاحظات التي أوردها المتفاعلون خلال نقاشهم وطرحهم للتحديات التي واجهها السيّاح خلال الموسم مثل الازدحام المروري في بعض الطرقات المرورية واستغلال البعض هذا الموسم في رفع أسعار إيجار السكنات؛ كوني على ثقة تامة أن الجهات المعنية على إطلاع بما يتداول ويطرح، وتبذل جهودا كبيرة لمعالجة هذه الموضوعات سريعا بعد انتهاء موسم الخريف رسميّا هذا العام، مع ذلك أرى من الجيد قيام الجهات ذات العلاقة بالتحديات التي واجهها السيّاح وأهالي المحافظة عموما برصد جميع الملاحظات والاستفسارات التي نوقشت وطرحت في وسائل الإعلام الخاصة والحديثة؛ لتحليلها والتحقق من دقة الملاحظات المطروحة حتى يتم وضع المعالجات المناسبة وتفاديها مستقبلا أو إيجاد حلول مؤقتة في الوقت الحالي؛ فمحافظة ظفار فيها الكثير من الفرص السياحية والاقتصادية التي تؤهلها لاستقبال الزوّار والسيّاح طيلة العام وليس فقط خلال موسم الخريف.

إن محافظة ظفار خلال هذا العام حقّقت نجاحا رائعا خلال موسم الخريف بتكامل جهود المؤسسات الحكومية التي سعت إلى إبراز المقومات السياحية والترويج عنها داخل سلطنة عُمان وخارجها، وأتوقع أن ترتفع وتيرة التدفق السياحي إلى المحافظة خلال الأعوام القادمة خصوصا في موسم الخريف؛ لما تشهده من تطوّر على مستوى الفعاليات والمناشط المقامة وتحديث البنى الأساسية باستمرار في المواقع السياحية، وإضفاء جماليات للأماكن والمواقع السياحية، مما يشجّع الاستثمار المحلي والأجنبي على الاستفادة من الفرص المتاحة في المحافظة والتسهيلات المقدمة لتنمية الاستثمار وزيادة حجمه وتنوّعه مع بحث إمكانية توطين بعض الصناعات في المناطق الحرة خاصة وأن المحافظة تمتاز بمقومات تؤهلها لاستقطاب أكبر عدد من الصناعات والاستثمارات الكبرى.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي