بوفاة السنوار يجب علينا إنهاء الحرب في غزة..

19 أكتوبر 2024
19 أكتوبر 2024

ترجمة: بدر بن خميس الظّفري -

تشكل وفاة يحيى السنوار، زعيم حركة حماس الذي يُعتقد أنه العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر، فرصة جديدة للولايات المتحدة لدفع جهود وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن فـي غزة، ولخفض تصعيد العنف فـي جميع أنحاء الشرق الأوسط.

على الرغم من أن السنوار لم يكن وحيدًا فـي معارضته للاتفاق، إذ إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قوّض بشكل متكرر وعلني جهود وقف إطلاق النار لأشهر، فإن وفاته يمكن ويجب أن توجد زخمًا جديدًا لإنهاء هذه الحرب الكارثية التي تتسع باستمرار.

وُلد السنوار فـي مخيم خان يونس للاجئين فـي غزة عام 1962، وتوجه نحو النشاط المسلح فـي أوائل الثمانينيات، وسُجن ثلاث مرات على الأقل من قبل إسرائيل فـي ذلك العقد. حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عدة مرات بتهمة قتل جنديين إسرائيليين وأربعة فلسطينيين يشتبه فـي تعاونهم مع إسرائيل، وأُطلق سراحه من السجن عام 2011 كجزء من صفقة تبادل الأسرى مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

أصبح السنوار زعيم حماس فـي غزة عام 2017، ومع هجمات 7 أكتوبر، كان يأمل بوضوح فـي إشعال حرب أوسع ضد إسرائيل. وفـي الأشهر التي تلت الهجمات، كان يدعم عقد اتفاق لإنهاء الحرب بشكل دائم، لكنه رفض بشكل قاطع فرض أي شروط إسرائيلية جديدة.

الآن، يقيم معظم قيادة حماس العليا خارج غزة، خاصة فـي الدوحة بقطر، ما يجعل من الممكن إبرام اتفاق بسهولة أكبر. لكن لكي يكون هذا الاتفاق دائمًا، يجب أن تنتهي الحرب حقًا، وليس مجرد فتح فصل جديد من الوجود العسكري الإسرائيلي فـي غزة.

إذا كان السنوار بالفعل هو العقبة أمام اتفاق وقف إطلاق النار كما زعم المسؤولون الأمريكيون، بما فـي ذلك الرئيس بايدن، فإن هذه العقبة الآن قد زالت. لدى الولايات المتحدة وشركائها فرصة لوقف الانحدار نحو اشتعال حرب إقليميّة. يجب على إدارة بايدن أن تضغط على حكومة نتنياهو والمسؤولين المتبقين فـي حماس لإنهاء الحرب فـي غزة، وإعادة الرهائن إلى عائلاتهم، وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة واتخاذ خطوات أخرى لضمان أن يتمتع سكان غزة بالمأوى والإمدادات والأمان مع اقتراب فصل الشتاء.

سيتطلب كل ذلك ضغوطًا دبلوماسية جديدة على كلا الجانبين، بما فـي ذلك استعداد إدارة بايدن لوقف إمداد إسرائيل بالأسلحة الهجومية إذا لم تتعاون. فـي الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة أن تجدد جهودها لوقف فوري لإطلاق النار فـي لبنان يسمح للمدنيين بالعودة بأمان إلى منازلهم على كلا جانبي الحدود. وفـي سبيل تحقيق هذه الأهداف، ينبغي على إدارة بايدن أيضًا حث إسرائيل على الامتناع عن تنفـيذ ضربات تصعيدية محتملة ضد إيران.ترتفع الآن أصوات الصقور فـي كل من القدس وواشنطن تدعو إسرائيل لاستغلال موقفها من خلال توسيع الحرب بشكل أكبر. لكن يجب على القادة وصناع القرار فـي الولايات المتحدة وإسرائيل أن يتحلوا بالحكمة الاستراتيجية لمقاومة إغراء مثل هذا التوسع. (فـي الواقع، تشير تصريحات من نائبة الرئيس كامالا هاريس ومسؤولين آخرين فـي الإدارة إلى أنهم يرون أن هذه اللحظة هي لحظة للتخفـيف من حدة التصعيد).

كما قال الرئيس بايدن قبل ما يقرب من خمسة أشهر عندما أعلن عن اقتراحه لوقف إطلاق النار، فإن إسرائيل قد حققت بالفعل هدفها الأمني الرئيسي وهو ضمان عدم قدرة حماس على تنفـيذ هجوم آخر مثل هجوم 7 أكتوبر. لسوء الحظ، بعد شهور من الجهود الدبلوماسية المكثفة، ذبل هذا الاتفاق جزئيًا بسبب رفض بايدن الغامض فرض أي ضغوط على نتنياهو على الرغم من اعترافه بأن الزعيم الإسرائيلي ربما يطيل أمد الحرب لأغراض سياسية داخلية.

ما يثير القلق أكثر هو الدعم الضمني من إدارة بايدن للتوغل الإسرائيلي فـي لبنان، والذي يبدو أنه ناجم عن الافتراض الخاطئ بأن العنف العسكري سيعيد ترتيب الأوراق الأمنية الإقليمية بطريقة تكون مفـيدة لإسرائيل وحلفاء أمريكا الآخرين.

التاريخ يثبت أن هذا خيال. الوجهة المؤكدة الوحيدة لهذا المسار هي المزيد من الموت والدمار والفوضى.

لا شك أن القضاء على قيادة حزب الله فـي لبنان فـي الأسابيع الأخيرة كان إنجازًا تكتيكيًا، على الرغم من أنه كما هو الحال فـي غزة، كان ذلك مصحوبًا بدمار هائل، وموت ونزوح للمدنيين. يبدو أن نتنياهو يعتقد أنه يستطيع توجيه ضربة حاسمة ضد ما يسمى بمحور المقاومة فـي الشرق الأوسط وعقدته المركزية فـي طهران. لم يشك أحد فـي القدرات التكتيكية لإسرائيل؛ لكن مشكلتها دائمًا كانت فـي تحويل هذه الانتصارات إلى مكاسب استراتيجية.

من ناحية أخرى، على الرغم من أن القيادة الإيرانية تعرضت لسلسلة من الهزائم، إلا أن لها تاريخًا فـي تحويل النكسات قصيرة المدى إلى مكاسب استراتيجية إقليمية. تاريخيًا، استطاعت إيران استغلال أخطاء أعدائها المتكررة، وكانت لديها حظوظ غريبة مع خصومها الذين يواصلون ارتكاب مثل هذه الأخطاء. إسرائيل فـي لبنان فـي أوائل الثمانينيات، الولايات المتحدة فـي العراق فـي العقد الأول من الألفـية، السعودية والإمارات فـي اليمن فـي العقد الماضي: كل هذه التدخلات المكلفة وفرت لإيران فرصًا لبناء شراكات جديدة وزيادة عمقها الاستراتيجي بشكل كبير.

الدمار والألم والكراهية التي أطلقتها أحداث 7 أكتوبر وحرب غزة ستستغرق جيلا كاملا للشفاء، وربما أكثر. إنهاء هذه الحرب التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد مئات الآلاف الآخرين، وإصابتهم بالجروح والأمراض واليتم أو الجوع، هو ضرورة أخلاقية واستراتيجية.

من الضروري اغتنام هذه اللحظة والابتعاد عن المسار الحالي نحو صراع أكبر قد يعرض الملايين للخطر، والسعي نحو مسار يواجه ويحل الصراعات الأساسية والمتشابكة فـي المنطقة. الولايات المتحدة وحدها تملك القوة والعلاقات والنفوذ نحو هذا المسار. وسط الفوضى والدمار فـي المنطقة، يجب على الرئيس بايدن استخدام هذه القوة.

ماثيو دوس هو نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسات الدولية، وكان مستشارًا للسياسة الخارجية للسناتور بيرني ساندرز

خدمة نيويورك تايمز