يوميات سورية 68
أنا حزين لأنني أتفقد ذاكرتي الانفعالية، يوميا، لألقي نظرة الأب على طفل، وصاحب ورشة الكتابة، على مؤلف أهازيج، لكي تقع بين أصابعي كرنين وتر، نغمة للترويض، فأجاور ما يصبح صوت الطيش في مساء قرب بحيرات من
عسجد اللون المتلون.
أنا حزين لأنني سأطلب عونا على نبرة جلست فجأة في مكان غير مناسب.
28 نيسان/ أبريل 2019
إلى زينة: اليوم تذكرتك كثيرا.
ها قد مضى ثلاثون عاما، على تلك الأيام.
اليوم تذكرتك، وأنا أحملك على كتفي، كما كنت تحبين.
ونحن ذاهبان إلى حديقة الحيوان في "نيقوسيا".
اليوم اشتريت لك علبة الشوكولا التي تحبينها.
أنت في ألمانيا، وأنا في الطريق إلى البيت... كأنني ذاهب لأراك.
أصفّر لحنا من فيلم "صوت الموسيقى"، كي أقول لك، من شرفتنا في دمشق: أنا أحبك.
أيار 2019
هناك طابة مثقوبة مهملة تحت المطر، خلف سياج الحديقة.
إنها إحدى الأشياء التي لا تنسانا.
أنت شجرة ما يزال ظلك تحتها، يطلق تلك الرائحة التي للحنين.
تذكري أن ليمونتك التي زرعناها في أول ميلاد لك في حديقة بيتنا في قبرص... ما تزال توزع رائحتها على الجيران. وكأنها تقول: أنا أحبك.
أيلول/ سبتمبر 2018
قلت له في آخر زيارة، وكان قد فقد النطق: في الزيارة القادمة سنسمع قصائد بصوتك. ابتسم إبراهيم الجرادي ابتسامة الخذلان.
إبراهيم الشاعر يشبه مدينته... الرقة.
تهدّم الجسد فما جدوى الركام؟
وداعا قدر ما تستطيع.
الجد القديم أراد أن يحكي لأحفاده "قصة الحب". استمعوا إليه باستمتاع وفضول لمعرفة النهاية. ولكنهم فجأة شعروا بالنعاس. فوعدهم الجد أن يكمل لهم "قصة الحب".
في المساء التالي، مات الجد. وبقي الحب.
14 شباط/ فبراير 2019
البلاد التي ليس على خصرها مسدس، وعلى كتفها البندقية، وفي فمها خنجر بين الأسنان...
البلاد التي نرى فيها يدًا تطوق خصرًا، ونرى فيها رأسًا تنام على كتف، وقبلة بين الأسنان.
البلاد التي اسمها في فمنا يحسّ بالأمان...
بلاد لا تستطيع الاحتفال اليوم بعيد الحب.
8 آذار/ مارس 2019
الذي أطلق على دمشق اسم "شام شريف" هو السلطان العثماني سليمان القانوني الذي أمر ببناء التكية السليمانية على ضفة أحد أفرع بردى. وحين جاء الظاهر بيبرس بنى فيها القصر الأبلق، ولكن تيمورلنك جاء وسكن القصر وهدمه كله قبل رحيله، كما أمر بهدم دمشق.
سليمان القانوني طلب من المعماري المشهور "سنان باشا" وضع تصاميم التكية. فاستعمل في بنائها أحجار قصر بيبرس المهدوم. وانتهى البناء عام 1966.
نشأت في التكية أول مدرسة داخلية تضم أماكن لسكن الطلاب وكل النفقات تدفعها الدولة. كما كانت التكية مركز تجمع للحجاج القادمين من الأناضول والبلقان، وبذلك أصبحت أهم سوق تجاري. وحتى سنوات قريبة كان الحجاج ما زالوا يتجمعون في التكية وحولها.
الآن ثمة إشاعة بوجود مخطط لتمويل الوظيفة الأثرية للتكية السليمانية إلى مطاعم وكافتريات، بدلاً من أن تظل بحيراتها القذرة مسبحاً للبط، وغرفها وساحاتها قناً للدجاج.
عبقرية الاستثمار، والثقافة، والذاكرة.