يوميات سورية 60

04 يونيو 2022
04 يونيو 2022

ـ 1 ـ

ملاحظة من دفتر مذكرات 27 أيار/ مايو 1997

"حين أنجزت النخبة الحاكمة إخراج المجتمع من السياسة.. كانت تدشن، وبقسوة ناعمة، عملية الخروج من الهوية الموحدة لهذا المجتمع، وتؤسس لمصالح متعارضة، وتضع الفرد المستفرد به أمام مصيره، وهو "حرّ معزول"، إذا صح التعبير، عزلة خاصة به. الأمر الذي يسهّل على الهامشية أن تنجز كائنها الخاص، ثم لاحقًا ترتب على الهامشية استبدال التقدم والحرية، والتعبير، بالتعصب، مما يتيح لعدد من البلدان أن تشهد شكلًا موحدًا (تقريبًا) من الحروب شبه الأهلية (انخراط جزئي بالصراع) إلى الحروب الأهلية السافرة، عندئذٍ يصبح التقدم مطلبًا ولكن باتجاه تصغير الأهداف.. ألا نموت أكثر!

ـ 2 ـ

من قصاصة مجهولة المصدر:

كنت ذاهبة إلى بيته، لإنهاء علاقتي به.

ذهبت، ودخلت، ورتبت سريره، ومسحت أحذيته، ونظفت أواني المطبخ.. ولم أرحل.

ـ 3 ـ

كثيرة هي الأفكار والذكريات تحضر عندما تمر صورة المخرج السوري، عمر أميرالاي، الذي يشبه مخترع الواقع، بتفاصيل قليلة، للهجاء أو المديح بصورة سينمائية لا تضل طريقها إلى البصر والبصيرة.

عمر أميرالاي أحد أهم السينمائيين السوريين، بالنظر إلى منجزه الإبداعي في الأفلام التسجيلية التي بدأها بفيلم "محاولة عن سد الفرات"، وهو إشادة ملحمية بمشروع ضخم نفذه السوفييت والسوريون سدا على نهر الفرات في الشمال السوري.

يقول عمر في بعض سيرته الذاتية: "ولدت في الشام عام 1944 على مرمى حجر من مقام شيخنا الأكبر محي الدين بن عربي معطرًا بروحانيته، مباركًا باسمه وكنيته، ولقد عاهدت نفسي، مذ صرت مخرجًا، أن أنذر له ذبيحتين على روحه الطاهرة "إذا رُزقت فيلمًا". لقد وُلدَ لعمر أميرالاي عشرون فيلمًا، من بينها "الحياة اليومية في قرية سورية"، والنعل الذهبي، وفيلم عن سعد الله ونوس، وعن رفيق الحريري كرمز للسلطة والمال، ولم يسمح لكل بقية العائلة من الأفلام بالعرض في بلادها.

المؤسف في قصة عمر أنه صنع فيلمًا سوريًا في سورية، وعرض خارجها.

لقد كان في ذكراه هذا العام حاضرًا تحت شجرة حزن في مقبرة الشيخ محي الدين، وكان فعلًا موجعًا، لأن حيوية عمر نابضة لا يردم فوقها الزمن (11 سنة) تراب طقوس النهايات.

ـ 4 ـ

التذكير باللامعقول ضروري لذاكرتنا التي أصبح لديها ممحاة لتاريخ من الواجب قراءته في الفترات الفاصلة بين قتيل وقتيل.

وقف قاتل الكاتب المصري "فرج فودة" أمام المحكمة، فسأله القاضي:

ـ لماذا قمت باغتيال فرج فودة؟

ـ القاتل: لأنه كافر.

ـ ومن أي كتبه فهمت وعرفت أنه كافر؟

ـ أنا لم أقرأ كتبه.

ـ كيف لم تقرأ كتبه؟

ـ أنا لا أقرأ ولا أكتب.

ـ 5 ـ

من دفتر قديم:

" نحن نموت قبل أن نتقن عادة الحياة". ريلكه