يوميات سورية 49
-1-
للقضاء على الحرب لا تنتظر نهاية الحرب، فالنار التي اشتعلت وهي تقول: إنني أشعل سيجارة الأصدقاء، نعلم أنها تريد حريقًا شاملاً، وهي قالت لكل رئاسات الأركان العسكرية في الكون: يمكنك أن تلعب بالنار... ولكن إياك أن تجعل النار لعبتك.
-2-
انتظرت امرأة متوسطة الحزن، في رتل الغاز نصف نهار بارد، حصلت على أسطوانتها وركبت "تكسي"، أوصلها السائق إلى البيت وصعد معها، حاملاً الجرة إلى الطابق الرابع. شكرته كثيراً ودفعت إكرامية إضافية، ولكنها بعد قليل، اكتشفت أن الجرة فارغة.
(ملاحظة: نحن ننتظر منذ شهرين دورنا في الحصول على جرّة غاز أرجو أن تكون مليئة، ولو بغاز الخط الروسي الأوكراني).
-3-
ما يحدث في سوريا اليوم جريمة شرف أيضاً، والشرف هنا ليس الأعراض وانتهاكها فقط، وليس الكذب والغدر والخيانة والاعتداء والقتل والتهجير والتدمير، فقط، جريمة الشرف، ليس أن يكره السوري كل ما حدث ويحدث.
جريمة الشرف أن يكره السوري نفسه.
-4-
قبل 7 سنوات كتبت هذه السطور:
"مهنة السوري العاقل، ألا يجنّ.
وأنا لم أغير المهنة هذه، حتى الآن، لكنني عدلتها قليلًا".
-5-
سأدع الذكريات تؤلمني وتفرحني، وتسوقني، كطير مكسور إلى الماضي. وسأكون سعيدًا لأنني أعتبرها دليلي الوحيد، في ليل هذا العالم الحربي، على أنني ما زلت حيًا.
-6-
هذه البلاد... حبيبتنا صغارًا،
وحلمنا كبارًا.
هذه البلاد التي نداها يسقي نحل الكون رحيقًا.
هذه البلاد هي الأجمل.
وتستحق غزاةً أفضل.
-7-
تتكون الشام من آلاف الأشياء الجميلة.
تتكون الشام من آلاف الأشخاص الجميلين.
تتكون الشام من آلاف البيوت الكريمة الجميلة.
بموت الشاعر بندر عبد الحميد، نقصت الشام.
وما هو حزن مستديم، إن بندر دفن في مقبرة الغرباء، وتغيّر عنوانه من شارع العابد في دمشق إلى الجزيرة "هاء" رقم 2712 "رقم القبر". وفي الذكرى الأربعين زرناه في بيته، حيث ما زال كل شيء يدل عليه، حاضرًا مبتسمًا مرحبًا، فقط كان كرسيه فارغًا وكأسه مليئًا لا ينقص.
بندر، شكلًا وروحًا، قصيدة آتية من قريته في شمال سوريا وذاهبة إلى لا مكان في هذا العالم.
-8-
من دفتر قديم: أنا وأنت اثنان من الماضي، وفي الغد واحد.