يوميات سورية " 17 "
ـ 1 ـ
أستطيع أنا وزملاء كثيرون بناء سورية الجديدة في عشرة أيام، هي الوقت اللازم لوضع حجر أساس "المستقبل" بشرط ألا يكون أحد هؤلاء مهندس خراب جديد: العائلة، الطائفة، القدر الأعمى.
ـ 2 ـ
في هذا العالم يوجد نظام حكم يخذل:
فئة، شريحة، طبقة، طائفة، ديانة، مذهب، أقلية، أكثرية...
ولكن ليس هناك في التاريخ من يخذل شعباً كاملاً، من ألف الفقر إلى ياء الذل. ومن الطفولة إلى الكهولة، ومن الكهولة إلى الشيخوخة، ومن الشيخوخة إلى القبر.
................
كم أن هذا الوسام لا يشرف أحداً.
ـ 3 ـ
أنا في قرية على التخوم الجميلة لفطرة الطبيعة.
كلما تأملت النعاد الذي تبديه شجرة الحور الظمأى في حر هذا الصيف اللاهب... رأيت الشقاء الذي تعنيه ربطة الخبز (الأرغفة).
يبتسم القروي المنهك، وهو يضم كيس النايلون المنهك الذي يحمله رجل منهك إلى أسرة منهكة.
يقول فلاح هذه الجملة الناجزة: "ها قد وصلنا إلى الرغيف".
أنا لن أتناول الخبز لشهر تضامناً مع أسرة تدعوني كل يوم إلى صحن زعترها الصامت لأشارك، وأنا أتفرج على أصابع أطفالها وهم يصغّرون اللقمة.
ـ 4 ـ
سُئل الإمام علي بن أبي طالب: مَن أحقر الناس؟
قال: من ازدهرت أحوالهم يوم جاعت بلادهم.
ـ 5 ـ
التعفيش الذي دخل التاريخ كأخلاق وليس كلصوصية في هذه القصة:
متحف التاريخ النمساوي في فيينا يحتوي على كنوز الأباطرة والملوك والأمراء النمساويون.
عام 1945، ليلة دخول القوات البريطانية إلى فيينا ذهب كل أهالي المدينة صغاراً وكباراً إلى البنوك والمتاحف ومؤسسات الدولة... وكل شخص أخذ من استطاع من الأموال والمجوهرات والتحف والوثائق وسبائك الذهب. وبعد انتهاء الحرب وانسحاب البريطانيين عام 1959 قام كل شخص بجلب ما أخذه في تلك الليلة من عام 1945. وأعاده إلى الدولة، كاملة لم تنقص أي قطعة.
ـ 6 ـ
من دفتر قديم:
المتفائلون حمقى...
"ولكن المتشائمين ليسوا حكماء".