يوميات سورية 13
ـ 1 ـ
تلقيت رسالة من امرأة تقول: أنا كمواطنة في هذا البلد. لم يعد لدي رغبة في محاربة الفساد. أنا أريد حصتي من هذا الفساد.
كتبت لها، نقلا عن مجهول، "تحتل سورية المرتبة الأولى بالحرية:
البنزين حر.
المازوت حر.
الرز حر.
السكر حر.
الغاز حر.
والمواطن، إذا لم يعجبه... فهو، أيضا، حر*
*المقصود بالحر سعر السوق السوداء
ـ 2 ـ
ها قد عدت، ككاتب، إلى كلوب الإضاءة الذي يستعمله عمال المناجم لكي أكتب، فالكهرباء تعريفها الجديد: العتم. لذلك سوف أطلب قبول اعتذاري في حال ارتباك رقص الكلمات.
ـ 3 ـ
" ما أصعب أن يكون المرء مبصرا في مجتمع أعمى"
و "أعمى يقود أعمى يقعان معا في الحفرة" إلا أن أعما "ي" الخاص بي، فهو ذلك الحامل مصباحا في الليل، وعندما سئل: ماذا يفيدك المصباح وأنت لا ترى؟ قال لكي لا يصدمني المبصرون.
ـ 4 ـ
"لا أحد يهزمني"...
جملة طائشة قالها الحب، وهو يدخل مدينة سورية مدمرة، ويجر كشارلي شابلن، في فيلم صامت، عربة إسمنت لإسناد جدران الحياة.
في الدساتير... لا توجد كلمة حب... وعلى سورية، التي عرفت الكراهية في الواقع، أن تعرف الحب في الأحلام.
ـ 5 ـ
مررت أمس بالحي الذي سكنت في أحد بيوته البسيطة أعوام صباي، وقفت، كجدّ خفيف الخطوات أمام باب البيت، وكدت أدقه بمطرقته التي ما تزال على حالها.
عندما فارقت هذا البيت وذهبت في رحلة طويلة خارج البلاد، انتزعت عن الباب ذلك القلم الصغير والدفتر الصغير المعلقين لكي يترك الزائرون الأصدقاء رسائلهم.
وفي اللحظة الأخيرة تركت الدفتر في مكانه والقلم في مكانه وكتبت هذه الجملة، من أمين معلوف،
"لم يرحلوا... ولكن البلاد هي التي رحلت".
ـ 6 ـ
منذ أسبوع جربت هذه الفكرة: هجم الحر... كما لم يفعل من قبل. الوسيلة الوحيدة لكسر هجومه، مع انعدام الوسائل، أن تجرب فكرة "الإماتة" وهي إحدى حيل الثعلب عندما يحاصره طالبوه... يتظاهر بالموت: أيها الحرّ لا تحاول... فقد غلبنا "الحرب" سابقا وسوف نغلبه بدون الباء، لاحقا.
- 7 ـ
من دفتر قديم :
وليس يصح في الأفهام شيءٌ *** إذا احتاج النهار إلى دليل
المتنبي