وادي السيليكون الأيرلندي..
نعرف وادي السيليكون الأمريكي في ولاية كاليفورنيا، أما في أوروبا فيوجد وادي السيليكون في دبلن عاصمة أيرلندا، رغم أنها بلد صغير، ومحتفظ بعاداته وتقاليده، لم يكن أحد يتخيل أن تتحول إلى حوض للسيليكون، وتوافق الأجانب مع هذه العادات والتقاليد. فقد قامت أكثر من 600 شركة أمريكية بنقل فروع وأجزاء من أعمالهم إلى دبلن في السنوات القليلة الماضية، وأدى ذلك إلى توظيف أكثر من 100 ألف شخص، واستفادة المدينة من الضرائب المفروضة على الشركات بنسبة 12.5%. لكن الذي يدفع الأمريكيين إلى أيرلندا، وهي بلد صغير، أنها أصبحت ملاذا ضريبيا لشركات التكنولوجيا، وقد استفادت أيرلندا، ربما عن غير قصد، من ثغرة ضريبية اكتشفتها واستفادت منها في البداية شركة أبل، ومكّنت هذه الثغرة الضريبية الشركات من تجنّب دفع ثلثي الضرائب تقريبا، وقد انعكس ذلك إيجابيا على الاقتصاد الأيرلندي بشكل مباشر؛ حيث استفاد الاقتصاد المحلي من تدفق الأموال وتوسع شركات التكنولوجيا في دبلن، وجعل المنطقة مركزًا اقتصاديًّا أوروبيًّا. لذلك أصبحت أيرلندا مؤخرًا واحدة من أغنى الدول في العالم، حيث احتلت المرتبة الرابعة في العالم في الناتج المحلي الإجمالي للفرد، فقد استثمرت هذه الشركات ما يربو على 380 مليار دولار في السوق الأيرلندي، ناهيك عن توفير ما يزيد على مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة. تحتل أيرلندا المرتبة الأولى في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالية القيمة، فتنشط فيها أكثر من 700 شركة متعددة الجنسيات تتخذ من حوض السيليكون مقرًا لها. مع الثورة المعرفية وتصاعدها، ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وظهور ثورة الربوتات، فإن العالم يحتاج إلى أودية سيليكون في كل أنحائه، ومن المؤكد ستظهر أودية سيليكون عربية. إن بلادنا كموقع جيوسياسي ولوجستي مواتٍ كي يصبح وادي سيليكون خليجي أو عربي، أو جزءًا مهمًّا من وادي السيليكون العربي، لكننا بحاجة إلى توفير بعض المحفزات التي تجعل كبريات شركات التكنولوجيا تستثمر لدينا، وهذا الذي يحتاج إلى تفكير عميق خارج الصندوق. |