هل تنشرون مثل هذه المقالات؟!
قال مسؤول عربي لمسؤول عماني هل تُنشر مثل هذه المقالات في الصحف العمانية؟!، دار ذلك الحديث بعد نشر صحيفة عُمان لمقال كتبته عن التنوع اللغوي في عُمان، وهذا ما حفزني على الكتابة مجددًا في هذا الشأن والتطرق لحرية النشر والتعبير. أما فيما يتعلق بانطباع المسؤول العربي فمن الطبيعي أن يستغرب لكونه غير مُطّلع -ربما- على الفسيفساء الثقافية العُمانية، ولا يعرف عن التنوع الثقافي العماني المادي وغير المادي الناتج عن عدة عوامل تاريخية وجغرافية، إضافة إلى النُظم السياسية المتعاقبة على الحُكم في عُمان، وهجرات الإنسان العُماني وعلاقاته مع المحيط الفارسي والهندي والإفريقي، ناهيك عن العمق العربي والامتداد غربا نحو الجزيرة العربية وجنوبا باتجاه اليمن، ويُذكرني حال العُماني بقصيدة محمود درويش ( قافية من أجل المعلقات) التي يقول فيها:
ما دلني أحد علي. أنا الدليل، أنا الدليل
إلى بين البحر والصحراء. من لغتي ولدت
على طريق الهند بين قبيلتين صغيرتين عليهما
قمر الديانات القديمة، والسلام المستحيل
وعليهما أن تحفظا فلك الجوار الفارسي
وهاجس الروم الكبير
إنَّ التذكير الدائم بالتنوع الثقافي العُماني، لا يدل إلا على الشعور بقيمة الانتماء إلى ثقافة إنسانية كونية عميقة تجسدت في الثقافة العمانية الفريدة من نوعها في المنطقة، وهذه ليست حالة نرجسية أو نغمة شوفينية، بل واقع يتمظهر في عدة أشكال من اللغات واللهجات إلى الأزياء والأطعمة وغيرها، وما طالعناه خلال الأيام الماضية من تجاذبات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي في العديد من المسائل مثل زيارة معلم اليوغا الهندي سادجورو، إلا انعكاس للتنوع الثقافي المنوط به استيعاب الآراء المختلفة وصهرها في بوتقة المواطنة الحاملة لكافة أشكال التنوع المطلوب التعبير عنه بشتى الوسائل الإعلامية وتوظيفه في الأشكال الأدبية والفنية، فالثقافة هي ما سيبقى وينفع.
لقد خصصت اليونسكو يومًا عالميًا للتنوع الثقافي في 21 مايو من كل عام؛ نظرًا لقيمة التنوع في خلق الائتلاف والتقارب بين الثقافات والشعوب، وبالمناسبة فإنه بنهاية العام الحالي 2022، ينتهي العقد الدولي للتقارب بين الثقافات (2013-2022)، وقد تم خلال العقد إقامة المؤتمرات الخاصة بالحوار بين الأديان، في محاولة لقطع الطريق أمام الممارسات والشعارات العنصرية التي غزت العالم من صعود الحركات الشعوبية في المناطق التي قصدها العمال والمهاجرون.
يسعى الإنسان دائمًا إلى التعبير عما يشعر به، ويحس وما يريد أن يقوله، ولا يقبل أي إنسان أن يصادر حقه في الرأي والتعبير، طبعا نتحدث عن التعبير الراقي البعيد عن التجريح أو الإعابة، ولذلك فإن الحق في التعبير يُعد الحق الثاني بعد الحق في الحياة، لذا نقول قد آن الأوان لمراجعة التشريعات والقوانين المتعلقة بالرأي والتعبير وتحديثها بما يتوافق مع المرحلة الراهنة والمستقبلية، وبما يتواكب مع الطفرة الحديثة في الثورة التكنولوجية، واستحداث منصات للتواصل الاجتماعي، تفوق وسائل الإعلام التقليدية في الشكل والمضمون.
إنَّ المستقبل سيكافئ الإنسان الذي عبّر عن رأيه بصراحة، وأوضح ما يريد قوله دون خوف أو ريبة، ولن تنجح الخطط ولا البرامج الوطنية ما لم ترافقها أدوات الحوكمة والشفافية لتحقيق العدالة والحفاظ على المال العام، وتطبيق القانون.
كنت أتمنى أن يصل مقالي (سيلفي وحقوق الإنسان) المنشور بتاريخ 4 سبتمبر 2014، والمنشور في صحيفة عُمان، والمتضمن نقدًا لأحد أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، لكي يحكم على ما يُنشر في صحفنا المحلية.