هل تبضّعت لرمضان؟
ذهبت «للسوبر ماركت» للتبضع، عدت أدراجي بسبب الزحمة على موظفي المحاسبة، وطوابير العربات التي امتلأت حتى آخرها وكأننا بصدد الولوج في مجاعة والعياذ بالله، طبعا هذه المشتريات كلها لرمضان ورمضان منها بريء، الحقيقة أن جزءا كبيرا منها سينتهي بها الحال في القمامة طعاما للكلاب والقطط الضالة، لا عجب من ذلك فقد بدأت الشركات قبل الشهر الفضيل بأسابيع تسوق لنا (احتياجات ضرورية) لم نكن نعلم بحاجتنا لها، وامتلأت واجهات المحلات بإعلانات مغرية عن خصومات (لا تفوت)، كما امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بمئات الوصفات التي يسيل لها اللعاب، ومنتجات جميلة من (دراعات رمضانية) لا تكتمل أمسيات الشهر الفضيل بدونها، إلى أدوات منزلية جذابة تبهر عيون ضيوفنا وهلم جرى، في إهدار للمال الذي جعلنا الله عز وجل مستخلفين فيه، متناسين أن المال حاله حال كل ما في هذا الكون إنما هو مال الله، وأنه عهد به إلينا وفقا لضوابط حددها في كتابه الحكيم الذي لم يجعل شاردة ولا واردة لم ينظمها فيما يتعلق بالمال.
لقد وضع لنا سبحانه قوانين منظمة لهذا المال حتى بعد مغادرتنا هذه الحياة من خلال تنظيم الوصية والميراث، حتى لا تترك هذه التصرفات للتأويل، ولا أظن أن موضوعا تم تناوله بهذا التفصيل كما تم تناول موضوع المال، حتى إن آية الدين تعد أطول آية في القرآن الكريم، ورغم ذلك فإن الكثير منا تنقصه الثقافة المالية التي تدخل في نسيج حياتنا اليومية في كل تفاصيلها، فكل ما حولنا يدخل المال فيه اليوم، والمال الذي أقصده هو المال بمفهومه الواسع، لا النقود التي تم اختزال المال للأسف الشديد فيها، بالتالي كل ما نملك من مقتنيات عينية وغير عينية هي مال ونحن محاسبون عليه.
لكننا بكل بساطة نهدره على منتجات استهلاكية لا حاجة لها، وطعام نستهلك الجزء البسيط منه، ونرمي بالباقي في القمامة، عدا ذلك من مظاهر الاستهلاك التي أصبحت سمة هذا العصر للأسف الشديد.
رمضان سيأتي سواء تبضعنا له أم لا، ولعله من الجميل أن تكون استعداداتنا متناسبة مع روحانية هذا الشهر المبارك، بما فيها محاسبة الذات ومراقبتها فيما يتعلق باتباع الأوامر والابتعاد عن النواهي، فما أصعب أن نبدأ رمضان وقد صنفنا ضمن الفئة التي لا يحبها الله، وقال فيها عز من قائل: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية