هذه ليست أموالك

12 مايو 2024
12 مايو 2024

قبل فترة، هاتفني شخص ما يطلب استشارة مالية للتصرف في مبلغ كبير من المال كان بحوزته، تخيلت قبل اللقاء رجلًا ثريًا، على قدر كبير جدًا من النجاح المالي والمهني ليكون لديه هذا المبلغ الكبير، فالفكرة التي نأخذها عن الناس الذين يمتلكون مبالغ كبيرة من المال هي أنهم أثرياء، لكن ما وجدته أمامي مختلف تمامًا عن الصورة التي كانت في ذهني، فالمال الذي بحوزة هذا الشخص كان نتيجة تسوية لقضية ما، ووجدت أن الشخص أبعد ما يكون عن الثراء فهو غارق في الديون، أي أن المبلغ الذي بحوزته ليس له في الواقع، فأمامه جيش من الدائنين ينتظرون نصيبهم من هذا المبلغ الذي بالكاد يستطيع تغطية جزء من هذه الديون.

لهذا دائمًا ما أقول إن ما عندك ليس بالضرورة أن يكون لك، فقد يكون عليك، عندما تتجاوز الالتزامات أصولك، فإنه مهما بدا لك حجم هذه الأصول كبيرًا فلا تغتر به، لذا من الضرورة بمكان أن تكون لدى كل فرد منا قوائم مالية تحدث على الأقل سنويًا لتعطي صورة واضحة عن حقيقة وضعك المالي حتى إذا اتخذت قرارًا ماليًا تكون على بينة.

أغلب الناس عندما تطلب استشارة مالية تقفز إلى الاستثمار، كيف لي أن أستثمر هذا المبلغ الذي حصلت عليه؟ ولكن قبل الاستثمار عليك أن تحدد وضعك المالي بدقة، وتضع موازنة بالدخل والمصروفات حتى تستطيع أن تقرر ما إذا كان الاستثمار مناسبًا في هذه الفترة.

الكثيرون يتصورون بأنهم إذا ما توفر لديهم مبلغ صغير من المال يمكنهم استثماره من أجل تسديد الالتزامات، لكن هذا تصور غير عقلاني وغير قائم على معطيات واقعية، فإذا كان كل ما تملك هو خمسة آلاف ريال عماني، ولديك ما يزيد على مائتي ريال عماني من الديون بأنواعها، العائد هنا لن يغطي هذه الديون، لأن العائد من الاستثمارات ليس كما يتصوره البعض (أضعاف) المبلغ الذي يستثمر، هذه النسبة غير واقعية وغير حقيقية، كما لا ننسى أنه لا يوجد استثمار مضمون على الإطلاق، فخيار الاستثمار بالنسبة لصاحب الحالة التي ذكرناها، قد يجره إلى مزيد من الديون ببساطة.

حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية