نوافذ.. سياحة المناسبات
Ashuily.om -
قبل أقل من أسبوع طوينا صفحة جميلة من صفحات عيد الفطر تضافرت فيه عدة عوامل فأخرجته بحلة زاهية وبلون براق تميز فيه عن باقي الأعياد التي شهدناها سابقا. ولعل من أهم العوامل التي ساهمت في تميز هذا العيد الفرحة التي صاحبته من تخفيف القيود على التجمعات في الأماكن العامة وإقامة الصلاة عقب سنتين من اختفاء هذه المظاهر بسبب جائحة كورونا. والسبب الآخر الذي ساعد على إضفاء بريق على هذا العيد هي الإجازة الطويلة التي استمرت لأسبوع كامل مما أتاح الفرصة للناس في إتمام مراسم العيد والقيام ببعض المناشط السياحية المصاحبة لفعاليات العيد كما يطلق عليها سياحة المناسبات والأحداث المصاحبة للكثير من المناسبات سواء أكانت دينية أو اجتماعية أو سياحية أو رياضية.
سياحة المناسبات كما جاء في تعريفها هي السياحة التي تعتمد على تنظيم الأحداث والمناسبات التي تشجع الجمهور على حضور تلك المناسبة بصفة خاصة ويستفيد على هامشها الكثير من القطاعات السياحية المساندة ويمكن أن تحقق انتعاشا كبيرا في الاقتصاد خلال فترة انعقاد تلك المناسبة أو الحدث. ومن أمثلة هذا النوع من السياحة إقامة المهرجانات الثقافية والسياحية والمسابقات الرياضية والموسيقية والفنية إضافة إلى الأعياد بكافة أشكالها وأنواعها الدينية منها والوطنية والأحداث التي تهتم بالعادات والتقاليد وإبراز الجوانب الثقافية والمعرفية للدول وهذا ما ظهر جليا خلال فترة عيد الفطر المبارك الذي أنا بصدد الحديث عنه.
قبل أيام من عيد الفطر المبارك وفي الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك انتعشت الأسواق المحلية بكافة أشكالها التقليدية والحديثة لا سيما تلك المرتبطة بالعادات العمانية الأصيلة في البيع والشراء ومنها على سبيل المثال عادات بيع وشراء الأغنام والمواشي التي لا زالت تتم بالطرق التقليدية كما يسمى في الدارج المحلي بـ"العرصة" التي تشهدها أسواق سلطنة عمان المختلفة مثل سوق سابع وسوق ثامن وتاسع على اختلاف مسمياتها، وهذه العرصات لا تجتذب فقط الباحثين عن لحوم وأضاحي العيد فقط بل هي معين اقتصادي للكثير من التجار والباعة لا سيما تجار التجزئة والباعة ممن يتخصصون خلال تلك الفترة في إعداد وإنتاج مستلزمات العيد مثل الحلوى العمانية والمأكولات الأخرى، إضافة إلى أن هذه العرصات باتت اليوم مقصدا سياحيا تستثمره الشركات السياحية في جلب السياح للاطلاع على هذا الموروث العماني وهذا ما يمكن استثماره مستقبلا كملمح من الملامح البيئة العمانية لا يوجد في كثير من الدول.
خلال أيام العيد أقيمت العديد من المناسبات في مختلف مناطق سلطنة عمان والتي كان المحرك الأساس فيها هو الاحتفالات بالعيد السعيد، وإيجاد مناسبات وفعاليات واقتصاد جزئي قائم على استغلال هذا النوع من الفعاليات التي تقام على هامش مناسبة العيد، فظهرت في كثير من المناطق العيود والرقصات الشعبية كالرزحة والعازي وإقامة سباقات الخيل والفروسية بالقرب من المناطق التراثية والسياحية، وساهمت هذه الفعاليات وغيرها في ازدياد عدد السياح القادمين إلى تلك الولايات للتعرف على معالمها وتراثها وحضارتها وبالتالي ارتفاع الإنفاق والبيع والشراء في تلك المناطق ووفرت فرصًا مؤقتة للعمل خلال فترة الأعياد.
خلال فترة العيد شهدت المناطق التي قامت باستثمار هذا النوع من المناسبات وهذا النوع من السياحة إقبالًا شديدًا من الجميع سواء من السياحة الداخلية أو الخارجية، فانتعشت الأسواق والفنادق والمطاعم والمقاهي وأماكن الجذب السياحي والتراثي كالقلاع والحصون وغيرها من القطاعات التي روج لها الاحتفالات المصاحبة للعيد.
مما رأيته خلال فترة الأعياد أن ريادة الأعمال يمكن أن يكون لها موطئ قدم في هذا النوع من الاقتصاد الجزئي المعتمد على سياحة المناسبات من خلال الأعمال التي يقوم بها الشباب سواء الباحثين عن عمل أو طلبة الجامعات والكليات وطلبة المدارس والمتقاعدين مع إمكانية توسيع رقعة هذا النوع من السياحة وإيجاد مناسبات وفعاليات في المحافظات تشجع على استمرار وديمومة هذه المناسبات، كما تقوم بذلك عديد من دول العالم التي تبتكر وتخترع مناسبات عامة لإقامة الاحتفالات والأحداث في مختلف المجالات الدينية والثقافية والرياضية والفكرية وغيرها من المناسبات التي تتلاءم وتتناسب مع طبيعة كل محافظة من محافظات سلطنة عمان كل على حدة.
كما قلت إن صفحة عيد الفطر قد طويت وبصدد فتح صفحة جديدة بعد شهرين في موعد مع عيد الأضحى يمكن استثماره واستغلاله بصورة أفضل والاستفادة من تجربة هذا العيد في تنشيط سياحة المناسبات والتركيز على رواد الأعمال والباحثين عن عمل في تنمية وتطوير أعمالهم، وهنا أخص بالذكر المحافظات المختلفة لمحاولة التركيز على نقاط قوتها التي يمكن أن تساعدها في تطوير وتنمية اقتصادها الكلي والجزئي.
* عبدالله الشعيلي كاتب عماني ورئيس تحرير جريدة عمان أوبزيرفر