نوافذ : العيد.. ليس كما نعرفه فقط
shialoom@gmail.com
يأتي العيد بزخمه الاجتماعي، وهو الشكل الأبرز لمجمل الأعياد، صحيح أن للأعياد مدلولات دينية؛ غير منكورة، وهي الأساس، لكن يظل الطابع الاجتماعي هو الحالة الأبرز لمجمل فعاليات الأعياد، تبدأ من استعدادات الكبار لأيام الأعياد، وهي استعدادات لها ما لها وعليها ما عليها، من التكاليف؛ وهي أغلبها تكاليف مادية؛ ولكن الجميع –من هؤلاء الكبار– لا يستنكفون عن بذل كل ما في وسعهم لكل احتياجات العيد، وصولا إلى تحقيق أكبر قدر من سعادة الأطفال، حيث الحرص على مرحهم، ورسم البسمة على وجوههم المشرقة، بتوفير كل ما يدخل السعادة في نفوسهم، وأقربهما الملابس الزاهية، والألعاب، والعيدية أو العيود، ولعل الأطفال هم من يستشعرون بهجة العيد ومرحه وسروره، أكثر من غيرهم من الكبار.
إلا أن العيد في حسابات أخرى غير مباشرة هي عمليات من الاستعداد، وخاصة من جانب حسابات التكلفة لها، سواء على مستوى مجموع الأفراد في المجتمع، أو على مستوى الحكومة، من خلال تفريغ جميع الموظفين للاحتفال بأيام العيد؛ امتثالا للمدلولات الدينية للأعياد؛ كامتثال أولي، ولاستحقاقات اجتماعية كامتثال ثانوي، ولأن الأمرين مرتبطان ببعضهما، حيث تجتمع الإرادة الشاملة فتحيي هذه المناسبة، ويتقبلها الجميع بكل رضا، وسعادة، بل ويتبادلون من خلالها التهاني والتبريكات، والأماني بقضاء أيام سعيدة مباركة، وهكذا تمر أيام العيد؛ وفق هذه الصورة الاحتفالية، وإن خرج الجميع أو الغالبية من أبناء المجتمع، وقد بذلوا ما بذلوا من المقابل المادي ما يوازي موازنة شهر كامل في أيام ثلاثة إلى أربعة فقط، فالعيد بقدر ما هو مجموعة من الممارسات المادية المباشرة، إلا أنه يمثل قيمة معنوية شديدة الأهمية لدى كل فرد مسلم (في أعياد المسلمين) وكذلك الأمر (في أعياد غير المسلمين) ولذلك تحظى بهذا الاهتمام المبالغ في تقديره، بكل سعادة ورضا.
يقول جوردون ميلتون – أستاذ الدين لدى جامعة «بايلور» ومؤلف كتاب (الاحتفالات الدينية): «سيكون على مختلف الدول في كل عام، خوض معركة سياسية من أجل إضافة إجازة أو تغييرها. وساهم إنشاء خط التاريخ الدولي عام 1884م في إرجاء الأعياد التي كانت تبدأ عند غروب الشمس إلى اليوم التالي في العديد من البلدان. وفي الوقت الحالي يمكن أن تتأثر جدولة إجازات الأعياد بأمور مثل: الإنتاجية الاقتصادية؛ وهو السبب الذي جعل مواقيت بعض الاحتفالات تتغير في كل عام لتمتد طوال إجازة نهاية الأسبوع» -مجلة؛ ناشيونال جيوغرافيات؛ العربية، 12/2017م-.
ومع أن تكرار الأعياد في كل عام بتواقيتها الثابتة، إلا أن هذه التواقيت كثيرا ما تخضع لاعتبارات اجتماعية وسياسية؛ في بعض الأحيان؛ لارتباط ذلك بمجموعة من الممارسات لدى أبناء المجتمع الواحد، وكثيرا ما يؤدي تغيير مواعيد الأعياد إلى إرباك هذه الممارسات، مع أن التغيير لا يتجاوز اليوم الواحد، سواء تقديما أو تأخيرا، وقد حدت التقنية الحديثة في العصر الحالي من حدوث هذه التغيرات؛ وخاصة فيما يتعلق بمنازل الأهلة، وتواقيتها المحددة، وطمأن الناس أكثر من أن يوم العيد في وقته المحدد، وفق روزنامة التاريخ المعدة سلفا مع بداية العام القمري؛ كما هو الحال عندنا كمسلمين.
ويظل قياس نجاح العيد في كل مجتمع بما يحفل به من صور اجتماعية احتفالية، يحرص الجميع على معايشتها، والحرص على استمرارها، وبقائها، مهما كلفهم ذلك من مشقة، فالقلوب تهتف دائما «اليوم عيد».