من الناحية الإجرائية

03 مايو 2024
03 مايو 2024

كل المشروعات، موقوف تنفيذها على ما يسمى بـ«الناحية الإجرائية» والناحية الإجرائية هذه قصة من قصص الحياة اليومية، لا تكاد تخلو منها أنظمة إدارية حديثة، أو تلك التي لا تزال تتكئ على عكاز، فالقوانين، والأنظمة الإدارية المساندة واقعة في مستنقع «الناحية الإجرائية» ولذلك لا يستبعد، بل أصبح في حكم المعتاد أن تراجع مؤسسة معينة في أمر ما، ويقال لك: الموضوع لا يزال في الإجراءات، وهذا الرد يكفيك أن تبتلع بقناعة السبب «الناحية الإجرائية» لتعود من حيث أتيت قاطعا بذلك مسافة المئات من الكيلومترات، والإشكالية في هذا الأمر؛ أن الناحية الإجرائية غير منتهية الصلاحية، وتتجدد تلقائية، لتتيح لمن يريد أن يتكئ عليها من أصحاب مقدمي الخدمات المساحة الزمنية الواسعة لأن يتجنب ردة فعل طالب الخدمة، فطالب الخدمة عندما يصدم بهذه الجملة، فذلك يكفي لأن يرتد خطوة إلى الوراء ويقفل راجعا من حيث أتى؛ ململما شتات نفسه. ما يلفت النظر إلى هذه الصورة «الناحية الإجرائية» أو «في الإجراءات» أن المسألة أصبحت مقلقة، وهناك شكوى متنامية بخصوص هذا الأمر، مع أن معززات الدور الإداري الفاعل متوفرة أكثر مما كان عليه الأمر قبل فترة من الزمن، حيث اختصرت الشبكة الإلكترونية الكثير من الجهود، ومن الخطوات، واختصرت الكثير من المسافات، فيما يعرف بـ«الحكومة الإلكترونية» ويفترض؛ وفقا؛ لهذا الواقع ألا يكون هناك مبرر مستمر لتكرار في الإجراءات الإدارية، خاصة إذا تجاوز سير إنجاز المعاملات المعدل المعقول والمقبول، مع التسليم أن للإخطاء البشرية دور في تحجيم سرعة الإنجاز الإلكتروني، ولكن حتى هذا المبرر «الأخطاء البشرية» يفترض ألا تتجاوز الحد المعقول، لتصبح ظاهرة تتيح الحديث عنها، أو انتقادها؛ خاصة والحديث هنا حول القيادات الشابة في مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وهي الفئة القادرة بإمكانياتها الفنية وقدرتها على ابتكار الحلول ألا تضع نسبة للخطأ البشري أن يقع، وإن وقع يكون في الحدود الضيقة جدا.

تسجل اليوم بعض المؤسسات الحكومية والخاصة إنجازا مقدرا في مسألة حيوية الحكومة الإلكترونية - ويعد هذا إخفاقا مهنيا - للصورة العامة للحكومة الإلكترونية التي أعلن عن بدء عملياتها منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حيث يتوقع شمولية خدماتها في كل المؤسسات بلا استثناء، خاصة وأننا في الألفية الثالثة التي تعج بالمخرجات الفنية المتمكنة في التعامل مع أدوات الحكومة الإلكترونية في كل المستويات الوظيفية، وبالتالي فالمفترض هنا أن أي صاحب خدمة يمكنه أن ينجز خدماته من الحكومة أو من مؤسسات القطاع الخاص من بيته دون أن يتجشم عناء السفر إلى المؤسسة التي يود أن ينجز معاملته من خلالها، فما الذي حدث إذن؟ لماذا لم تختف الأوراق في المعاملات حتى الآن؟ لماذا ينتقل صاحب الخدمة لمسافات قد تصل إلى عشرات الكيلومترات؛ لإنجاز معاملة لا يحتمل إنجازها دقائق العشر الأولى؟ لماذا يتطلب إنجاز كثير من المعاملات أكثر من يوم؟ خلال الأنواء المناخية الأخيرة؛ كان هناك توجيه إداري للذين لا يستطيعون الوصول إلى مؤسساتهم، ومنهم طلبة المدارس والجامعات أن يستخدموا الشبكة الإلكترونية لتجسير الحضور وإنجاز المهام، فكم نسبة الذين يستطيعون ذلك، وهناك أماكن كثيرة على مستوى المحافظات يصعب فيها الاتصال بالهاتف؛ فضلا عن استخدام شبكة الإنترنت؟ يحدث هذا بعد أن قطعت التجربة الإلكترونية في الاستخدام الإداري زمنا مقدرا يتجاوز الـ(20) عاما؛ هل هذا مقبول؟