ما أنا وما السماء؟
طبقت هذا الأسبوع طقس الامتنان اليومي على السماء، من المفترض أن أعدد عشرة أسباب لهذا الامتنان، عندما بدأت التمرين هالني أنني لم أستطع أن أضع تعريفًا وتحديدًا لهذه السماء التي علي أن أكون ممتنة لها، فما هي هذه السماء حقًا؟ بالتأكيد هي ليست سقفًا أزرقًا يعلو رأسي كما كنت أعتقد عندما كنت طفلة؛ لأن هذه السماء تحتويني أنا وكوكبي متناهي الصغر هذا الذي أعيش فيه، الذي لا يتعدى أن يكون حبة غبار متطايرة لا ترى بالعين المجردة عن بُعد في هذا الكون الشاسع، يا إلهي إذن ماذا عني أنا، ما هو حجمي في هذه المنظومة، إنني أكاد لا أوجد.
ولأنني لم أستطع تحديد معنى للسماء - أنا هنا لا أقصد المفهوم العلمي - لأنني حتى هذا لا أعرفه، لعجزي عن تحديد ماهية هذه السماء، عجزت عن معرفة فوائدها بالنسبة لي، واستغرقني الأمر وقتًا أكبر مما يستغرقه هذا التمرين مني عادة، لكن ما أصابني بالذهول هو أنني أدركت حكمة عبادة التدبر والتفكر في خلق الله جلت قدرته، ولما هو من العبادات الأساسية رغم أننا قلة ما نمارسها خاصة في عالمنا هذا المزحوم والمتسارع الذي لا يدع لنا مجالًا لهذه العبادة، التي كانت الأجيال قبلنا تمارسها بالفطرة؛ لأنها كانت تملك أهم أدواتها وهي الفراغ، والهدوء، والسكينة، والبساطة.
اليوم أصبحت حياتنا مليئة بالمعلومات التي تتزاحم على عقولنا من حواسنا الخمس التي تستقبلها طوال اليوم، ومن المهام والمسؤوليات التي زحمنا حياتنا بها، والعلاقات التي باتت تتنافس على اهتمامنا ومشاعرنا وتفكيرنا، بتنا نحتاج إلى تقويم مرتبط بنظام تنبيه حتى نستطيع تذكر موعدنا القادم، أو المهمة التالية التي عقدنا العزم على تنفيذها، فتبلدت مشاعر الدهشة عندنا، حتى أنه لم يعد هناك ما يدهشنا، ويثير اهتمامنا بسبب الاختراعات التي توهمنا أن كل شيء بات ممكنًا وسهلًا محتملًا.
لكن هل هو كذلك فعلًا؟ حضرت هذا الأسبوع محاضرة حول تقنيات علاج العقم والإخصاب، أصابتني بالدهشة، والقشعريرة للأمور التي تحدث في هذا البيت الذي أعيش فيه، والتي أجهلها تمامًا، هذا أقرب من القرب ذاته بالنسبة لي، ولكنني أجهله تمامًا، فما بالك بالسماء...سبحانك ربي، تباركت وتعاليت.