لماذا تصبح الحياة أفضل بعد سن الخمسين
هل السعادة مرتبطة بالعمر؟ وهل نصبح أكثر سعادة ورضا مع تقدمنا في السن؟ هذا ما يحاول الصحفي جوناثن راوتش الإجابة عنه في كتاب جميل يتناول فيه هذا الموضوع، بعدما لاحظ كيف أن حياته كانت في الواقع تسير للأفضل بعد تجاوزه سن الخمسين، مما دعاه لأن يبدأ رحلة من البحث والدراسة التقى خلالها بكثير من العلماء والباحثين والأفراد في مختلف الفئات العمرية، ليصل إلى نتيجة وضعها في كتابه (منحنى السعادة: لماذا تصبح الحياة أفضل بعد سن الـ50) بأن السعادة مرتبطة ارتباطًا وثيقا بالعمر، وأنه كلما تقدم بنا العمر أصبحنا أسعد، وألطف وأكثر تقبلًا لآخرين، والأهم أن إنتاجية الفرد لا تقل مع تقدمه في العمر كما يسوق له في عالمنا اليوم، بل تزداد جودة مع زيادة الحكمة والتجارب.
في عام 2008 صدرت ورقة بحثية للاقتصاديين ديفيد بلانتشفلاور وأندرو أسوالد بعنوان منحنى U أظهرا فيه أن مستوى السعادة يبدأ بالانخفاض بعد سن العشرين، وقد فسر الباحثان ذلك بأن الشباب قبل العشرين يبنون توقعات مبالغ فيها عن الحياة، لكن ما يلبثوا أن يصطدموا بالواقع ويبدأون في التخلي عن تفاؤلهم وتوقعاتهم العالية، في هذه الفترة أيضا يكون الشباب عاطفيين، قلقين بشأن بداية حياة مستقلة مثل إيجاد وظيفة، والنجاح فيها، وتأسيس عائلة تستهلك مسؤوليتها الكثير من وقت الشاب وجهده وأعصابه واهتمامه، ثم يبدأ الفرد منهم في التعرف على هذه الحياة، ويتعود عليها، ويقطف ثمار عمله، فيبدأ المنحنى بالارتفاع تدريجيا، بعد مستوى القاع الذي هو أزمة منتصف العمر.
ما يتحدث عنه الكاتب برأيي قد لا يسري على الجميع، إذ تبقى فئة (غافلة) عالقة في قاع المنحنى، لم تستطع الخروج منه، أضاعت حياتها بخيارات غير صائبة، وقرارات غير حكيمة.
أيا كان فإن الحياة نعمة، وهبة عظيمة من رب العالمين، خاصة لنا أبناء هذا الجيل، الذي اختارنا المولى للعيش في هذه الفترة الاستثنائية من عمر البشرية، من العبث أن نضيعها سدى، خاصة بحجة (التقاعد) الذي يحرم البشرية من أعظم ثرواتها على الإطلاق في فترة نضجها، وتمام استوائها، الكتاب يتضمن تأكيد أن العمر مجرد رقم، ودعوة أن لا نترك التقاعد يوقفنا عن العمل والعطاء، فالحياة مستمرة، وأعظم رأس مال ما زلت تملكه، لا يستطيع أحد أن يسلبك إياها ألا وهو رأس المال البشري، خبراتك، ومهاراتك، وقدراتك، ومواهبك.