لماذا تتراجع ثقتنا في شركاتنا المحلية ؟
تعاني العديد من الشركات الحكومية والخاصة وشركات المساهمة العامة من تراجع مستويات الثقة في أدائها وقدراتها الإنتاجية والتسويقية ودورها في الاقتصاد الوطني، وكثيرًا ما ينظر المجتمع إلى هذه الشركات على أنها تستنزف خزينة الدولة ولا تقدم أي شيء للاقتصاد الوطني، كما يتم النظر بسلبية إلى أي تغييرات يتم إجراؤها في الإدارات العليا خاصة إذا تعلقت بتعيين القوى العاملة الأجنبية في مراكز قيادية مهمة أو قيام العاملين الأجانب بتقديم استقالاتهم.
وفي حقيقة الأمر هناك الكثير من الأسباب التي تجعل ثقة المجتمع في هذه الشركات متدنية؛ لعل في مقدمتها تجاهل هذه الشركات أهمية الدور الإعلامي والتسويقي في بناء علاقة إيجابية مع المجتمع. هناك شركات ذات أداء جيد على مستوى النتائج المالية أو على مستوى توظيف الشباب العماني أو على مستوى الإنتاج غير أنها تتوارى عن الأنظار لعدم اهتمامها بـ«تحسين السمعة التجارية»، وحتى عندما تعلن عن خدماتها أو منتجاتها فإنها تقدم إعلانات مشوّهة لا يمكنها بناء علاقة إيجابية مع المجتمع وإقناعه بأنها ذات فائدة للاقتصاد الوطني.
وعلى الرغم من أهمية الدور الإعلامي في بناء هذه العلاقة الإيجابية إلا أن الممارسات أو الأخطاء التي تقع فيها الشركات تؤثر سلبا على سمعتها التجارية، فلا يعقل أن تتكبّد شركة تستثمر في أحد القطاعات الاقتصادية النشطة خسائر، أو أنها لا تفعل شيئا تجاه خسائرها التي تتراكم من سنة لأخرى على الرغم من وجود مجالس إدارة لهذه الشركات وإدارات تنفيذية متخصصة، أو أن تتجاهل هذه الشركات مبادئ الحوكمة وتطبيقاتها فيقع موظفوها في أخطاء جسيمة تؤثر على المركز المالي للشركة؛ فمثل هذه الممارسات تؤثر دون أدنى شك على ثقة المجتمع الذي يشعر بريبة تجاه الشركة وأعمالها وممارسات موظفيها، وربما تنتقل هذه الريبة إلى العديد من الشركات الأخرى.
وفي هذا الإطار تبرز أهمية الحوكمة في مختلف أعمال الشركات، وأهمية الرقابة عليها من قبل الجهات المختصة، والرقابة كما أشرنا في مقال سابق تستهدف تصحيح الوضع في الشركة وتقويم أي أخطاء تقع فيها سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة وهو ما يتطلب تعاون مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية مع الجهات الرقابية حتى تستطيع الشركة تحقيق أهدافها.
وهذا يقودنا للحديث عن مكاسب أخرى للاقتصاد الوطني عندما تظل الشركات المحلية تحت دائرة الضوء، فالشركات التي تعمل في دائرة الضوء تكون أكثر خوفًا على سمعتها التجارية من الشركات التي تتوارى إعلاميا وبالتالي فإنها سوف تسعى دون أدنى شك لتحسين أدائها والمحافظة على إنجازاتها، وهذا يؤكد أهمية أن تركز الجهات الرقابية على تعزيز دور الإعلام خاصة في الشركات الحكومية وكذلك الشركات التي تمتلك الحكومة حصة فيها، ولعل الملتقيات الإعلامية السنوية التي تستعرض فيها الشركات والجهات الحكومية أداءها وخططها وما أنجزته من أعمال ومشروعات خلال عام سابق وما تخطط لإنجازه خلال العام التالي أو الأعوام المقبلة يضع الشركات والجهات الحكومية في دائرة الضوء وتحت نظرة المجتمع ورقابته، ولا مجال هنا للتراجع بل لا بد للجميع أن يسير نحو النجاح وأن يتغلب على العقبات التي تواجهه، وحتى عندما تتعرض الشركات لأي هزات عنيفة فإن المجتمع يقف معها لأنه كان شاهدا على نموها سنة تلو أخرى.
إن الاهتمام بالدور الإعلامي من جهة وتفعيل مبادئ الحوكمة والشفافية وتعزيز الرقابة تعد عوامل مهمة لإعادة بناء ثقتنا في الشركات المحلية التي تعد جزءًا أساسيًا في الاقتصاد الوطني ولا يمكن للاقتصاد أن يحقق النجاح في ظل وجود شركات ضعيفة لا تستطيع مواجهة المجتمع والتصالح معه وبناء علاقة إيجابية، فنجاح أي شركة مبنيّ على مدى اقترابها من المجتمع ومدى ولاء المجتمع لها وحرصه على شراء منتجاتها والاستفادة من خدماتها، وعلى الشركات أن تكون حاضرة بقوة في مختلف وسائل الإعلام وبما يؤدي إلى إعادة بناء ثقة المجتمع بعد ما شهدناه من تعليقات سلبية في العديد من وسائل الإعلام عن العديد من الشركات المحلية لأيّ سبب كان.