لا أحتاج رجلا

15 سبتمبر 2024
15 سبتمبر 2024

هاتفتني فتاة أعرفها تعرَّضت لحادث سير بالقرب من بيتي باكية، ولأن ليس لها أحد في مدينة مسقط العامرة على ما يبدو. عندما وصلت وجدتها في حالة من الهلع، رغم كونه حادثا بسيطا للغاية، وبجانبها رجل عرفت أنه صديق لأخيها الذي كان خارج محافظة مسقط وقت وقوع الحادث، فطمأنها بأنه سيُرسل مَن يساعدها. تذكَّرتُ المرات العديدة التي تعرَّضت فيها لمشاكل من ضمنها حوادث السير، فكان أول إجراء أقوم به هو الاتصال بزوجي الذي قد يكون خارج سلطنة عمان وتبعدني عنه آلاف الأميال، لكن مجرد سماع صوته الذي يطمئنني فيه كان كفيلا ببعث الطمأنينة إلى نفسي وشعوري بالأمان، وأكون حينها على ثقة تامّة بأنه سيجد حلا لمشكلتي التي كثيرا من الأحيان تكون كبيرة فقط في عقلي.

أذكر قبل فترة أنه دار حوار بين مجموعة نساء، فقالت إحداهن موجِّهة الكلام لي: محظوظة أنتِ لأنكِ تعملين، بالتالي لستِ بحاجة لرجل، استحضرتُ ذلك الحديث في ذلك اليوم وأنا أرى الفتاة تستنجد بأخيها الذي يبعد عنها مئات الكيلومترات، رغم كونها موظفة، ولديها المال، على حد تعبير تلك المرأة.

ذلك لأن الرجل في حياة المرأة مهما بلغ ثراؤها المادي هو العمود الذي ترتكز عليه حياتها، هو مصدر الأمان والسند، اعترفنا بذلك كنساء معاصرات أم لا، سواء كان هذا الرجل والدًا أو أخًا أو زوجًا، أو حتى زميل عمل، إذ إنني لن أنسى حتى وأنا على رأس الهرم الوظيفي الفريق الرائع من الرجال الذين ساندوني، وأعانوني للوصول ولتأدية دوري بذلك الشكل.

تماما كما أن الرجل لا يستطيع أن يعيش من دون تلك المرأة التي -إن أحسن الاختيار- يستطيع أن يلجأ إليها بعد يوم طويل من العمل الضاغط، والمجاملات الاجتماعية التي تُنهِك روحه، فيجد عندها الدفء والراحة اللذين يُنسيانه كل ذلك التعب، لهذا جعلنا رب العزة «سكنا» لهم، ولهذا عندما استوحش آدم في الجنة خلق له المولى «مؤنسة» من جنس النساء.

المشكلة أن اختيار شريك الحياة في عصرنا أصبح في بعض الأحيان بناءً على ما تعكسه شبكات التواصل الاجتماعي؛ فغابت حكمة الكبار في الاختيار وخبرتهم، فباتت المادة والمظهر معياري اختيار الشريك، وهما معياران هشان للأسف سريعا ما يسقطان بالعِشْرة، فارتفعت تبعا لذلك حالات الطلاق في مجتمعاتنا.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية