طُرق حديثة وفاعلة لتقييم الأداء
طلب مني جاري العزيز في مكالمة هاتفية أن أطرح في هذه الزاوية فكرة جديدة لتقييم عمل وأداء الأفراد يرى أنها «فاعلة» ستنعكس إيجابًا على جودة أداء الشخص في حياته اليومية والعملية كذلك لأن طريقة قياس الأداء المتبعة حاليًا «إن وجدت» روتينية وغير موضوعية بل «عفا عليه الزمن».
فكرة «أبا قُصي» تقوم على ضرورة تقييم الأداء «أي أداء كان» بأسلوب يبدأ من أسفل باتجاه الأعلى وليس العكس على أن يُطبق على الجميع ولا يستثني مسؤولًا أو أبًا أو زوجًا أو معلمًا أو رب عمل وبحسب قوله: إنه جرب استخدام هذا الأسلوب في نطاق عمله وكان ناجعًا لدرجة لا تصدق.
شدد كذلك على أهمية أن يكون التقييم لأداء القائد والمقصود به هنا الذي يقف على رأس منظومة العمل أو محركِهِ أو من يضطلع باتخاذ القرار محايدًا وموضوعيًا لأن الهدف من التقييم هو تجويد العمل وتفادي الأخطاء وسد الثغرات وتحقيق العدالة والقضاء على كل ما من شأنه إحداث أي خلل يتسلل عبر المجاملات والنفاق الاجتماعي والخوف من العقاب أو الاستهداف أو حتى الإقصاء.
ولعله ليس من اليسير في أسلوب الإدارة الحالي أو القيادة توجيه النقد المباشر أو غير المباشر أو التعبير عن عدم الشعور بالرضا تجاه المسؤول الأعلى بسبب حيز الصلاحيات عالي السقف الذي يمتلكه هذا المسؤول إضافة إلى الأسلوب الكلاسيكي العقيم في تقييم الموظف الذي يساوي بين الجيد والسيئ.
كما أنه وفي ظل طبيعة التربية المحافظة التي تنَّشأ عليها الفرد والتي تقوم على احترام الآباء والأمهات والتربويين وكبار السن وأصحاب الوجاهة لن يكون من السهل والمستساغ حتى توجيه النقد أو لنقل «إبداء الملاحظات» على هؤلاء مهما كانت الأسباب مقنعة لكن لماذا لا نحاول أخذ الخطوة الأولى في هذا الاتجاه والمُضي قُدمًا في إعادة تشكيل بعض الأفكار؟
ما يمكن ملاحظته على لوحة القوانين الحالية أنه لا يتم تقييم الموظف أو المسؤول إلا من قبل مسؤوله الأعلى وبالتالي تتوقف نتيجة التقييم على طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين وقدرة الموظف على إرضاء توجهات مسؤوله وميوله وغروره ونزواته و«عُقده» الشخصية لكن لو كانت هذه العملية عكسية يقَيَّمُ خلالها الموظف مسؤوله الأعلى ستكون النتيجة مختلفة تمامًا وستُهدى إلى الشخص المُستهدف عيوبه عساه أن يسعى لإصلاحها وتدارك الأخطاء التي قد تعيق تطور الأداء.
هذا ينطبق كذلك على الأب الذي سيفعل خيرًا إن ظن أنه ليس كاملًا أو مثاليًا أو صالحًا بما يكفى لأداء أداور تربوية مكتملة فيطلب من زوجته وأولاده أن يقيموا طرق تعامله وإدارته للأسرة بكل موضوعية عبر الاستماع إلى كل فرد من أفرادها وفتح باب الحوار معهم لبحث ما يمكن عمله لتحقيق السعادة والاستقرار النفسي والمعنوي والمادي كذلك.
ستكون أساليب جديدة كهذه في تقييم أداء كل واحد منا غاية في الأهمية إذا علمنا أن الكثير من المؤسسات خاصة التعليمية ومؤسسات القطاع الخاص في مختلف دول العالم ومنها بعض الدول العربية تطبقها منذ زمن بعيد سعيًا إلى تجويد عملها دون أن يُحدث ذلك أي زعزعة في المنظومة التي يُفترض أن تسعى بمختلف أركانها إلى التطوير والابتكار.
أما بالنسبة إلى إعادة تقييم الأداء ضمن الدائرة الاجتماعية فإن ذلك ممكن في بعض جوانبها وإن بدا في جوانب أخرى بعيد المنال حاليًا على الأقل.