سوشي

21 يناير 2024
21 يناير 2024

كنا في تجمّع في أحد مقاهي مسقط الجميلة، حين قرّر البعض منا تناول العشاء، اخترنا طبق سوشي، وكعادة العمانيين فقد دعونا الحاضرات لمشاركتنا الوجبة، لكن كانت النظرات وحدها تجيب بأن قبول الدعوة ليس واردا، حاولنا إقناع امرأتين ممن لم يسبق لهما تجربة الوجبة قبل ذلك، لكن الرفض كان حاسما، وبعد محاولات عدة استطعنا إقناع إحدى المرأتين بالتجربة، فيما استمرت الأخرى بالرفض.

اللقاء كان عبارة عن تجمّع لمجموعة تشترك في جلسات تغيير أسبوعية، لهذا كنا نصر على المرأتين بالتجربة، بعد يومين تفاجأنا بالمرأة التي جرّبت الوجبة ترسل لنا في مجموعة (الواتساب) صورة لها ووالدتها من المطعم ذاته، فقد عادت بوالدتها للتجربة. استوقفني الموضوع كثيرا، خاصة أن كل نقاشاتنا السابقة طوال الشهور الماضية كانت حول التغيير، والذي يتطلب المبادرة وأخذ زمام الأمور والتغلب على العادات، المدهش أن كثيرا من القوانين التي نضعها لأنفسنا جاءت من معتقدات تبنّيناها ولم نجرّبها ربما بأنفسنا، يذهلني في مثل هذه المواقف قوة العقل الذي يركب تجربة متكاملة من الخيال وحده، فلم يسبق لكلتا المرأتين تجربة السوشي لكنهما تمكنتا من خلق نكهة ورائحة وملمس للوجبة بالخيال.

لا أقصد بكتابتي لهذا الموضوع تجربة السوشي بالطبع، أو أي شيء لا نحبه، لكن ما أريد قوله إنه يجب ألا نحرم أنفسنا من التجارب الجديدة التي قد تفتح لنا أبوابا من المتعة، وأحيانا كثيرة تلك الأبواب التي لا نطرقها هي التي تخفي وراءها مفتاح البهجة والنجاح الذي نسعى له.

الدرس الثاني الذي تعلمته من هذا اللقاء، هو فائدة الاختلاط بأناس من خارج دائرتك المألوفة؛ لأن أي لقاء مَهما كان عابرا سيعلمك أمرا لم تكن تعرفه، وسيفتح لك بابا لم تعرف حتى بوجوده يوصلك لمبتغاك، وقد ينبهك لممارسة خاطئة لم يجرؤ أحد ممن حولك أن ينبهك إليها.

شخصيا مع كل لقاء جديد تُفتح لي آفاق واسعة من التجربة والمعرفة والتمكين، لم أكن حتى لأتخيلها.

لذا جرب فالمتعة تكمن في التجربة، وخالط الناس فقد خلقت مخلوقا اجتماعيا لسبب.

حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية