سعيد من رجع بيت أهله
كانت الأمهات يستقبلن بناتهن المطلقات بهذه العبارة (سعيد من رجع بيت أهله) من باب الدعم وبث الطمأنينة في قلوبهن، فالطلاق في الماضي كان متقبلا على ما يبدو أكثر من أيامنا هذه، ولم تكن المطلقة تبقى في بيت والدها طويلا، إذ سريعا ما يظهر من يطلب يدها مجددا، لهذا كانت المرأة ترفض العيش عند زوج يسيء معاملتها، لثقتها أن بيت والدها يتسع لها، و تفرح ربما الأم لوجود من يساعدها ويحمل معها أعباء العناية بالأسرة.
اليوم الوضع تغير كثيرا أمام تعقيدات الحياة، نتيجة ارتفاع المواليد من جهة، وارتفاع مستوى الخدمات الصحية الذي أدى إلى زيادة في عدد أفراد الأسرة، زادت أيضا متطلبات الحياة فلم تعد المطلقة تكتفي ببيت يأويها، ولقمة تسد جوعها، مما شكل عبئا كبيرا على الأسر، وعلى نظام الحماية الاجتماعية، الأمر الذي أدى إلى تحول الطلاق من قضية عادية تحدث إلى أزمة اقتصادية واجتماعية على حد سواء.
وهو ما جعل موضوع الاستقلال المالي للمرأة موضوع في غاية الأهمية، فلم يعد خروج المرأة للعمل، أو ممارستها لعمل حر في بيتها من باب الرفاهية، بقدر ما هو حاجة ملحة، حيث جاء التضخم وارتفاع مستوى المعيشة ليزيد من وقع المشكلة، هناك من يعتقد أن الأسعار ارتفعت فجأة على إثر تداعيات الجائحة الأخيرة إلا أن الحقيقة أن الأوضاع الاقتصادية قد بدأت تسوء قبل ذلك بكثير.
الأمر الذي أصبح معه معيل الأسرة عاجز عن تلبية متطلبات الحياة المتزايدة لأفراد الأسرة، وإن كانت بعض المطلقات يلجأن إلى الضمان الاجتماعي الذي يوفر دخلا يفي بمتطلبات البعض، لكن هذا النظام ساعد على بقاء كثير من الفتيات
المؤهلات، خارج السلك الوظيفي مشكلا عبئا من نوع آخر.
بالتالي حتى بالنسبة لمن يرى أن في هذا حلا لهذه المشكلة، في الواقع أنه يضيف مشكلة أخرى، بالتالي فإن القضايا الاقتصادية للطلاق في عصرنا الحالي، قضية كبيرة ومتشعبة، مما يجعل العائدة إلى بيت أبيها أبعد ما تكون عن السعيدة، لإدراكها بحجم العبء المالي لوجودها على والدها الذي بالكاد بعض الأحيان يستطيع تحمل أعباء أسرته، ناهيك عن النظرة السلبية للطلاق الذي يراه البعض على أنه فشل تتحمله الأنثى في الغالب.