سامحيني يا أنا
كنت أتأمل هذه الآية مؤخرا ضمن برنامج تنمية الذات، بالتزامن مع جلسات القراءة الأسبوعية التي أعقدها، وللمصادفة كانت الجلسة حول جلد الذات وعقدة التأنيب والشعور بالذنب، هذه الآية التي ضمنتها في دعائي منذ عقود طويلة، لكنني لم أفكر فيها كما أفكر فيها اليوم «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» أدركت أن هذا ما يجب أن أطالب نفسي به، فالله سبحانه وتعالى غفور رحيم لطيف بعباده، القسوة على الذات تأتي منا، نحن الذين نجد صعوبة شديدة في أن نغفر لذواتنا زلاتها وهفواتها وأخطاءها، فنؤنبها على أصغر زلة، ونجلد ذواتنا لفترات طويلة على ما يبدر منها دون قصد، متناسين أننا بشر خلقنا خطائين، وهذه الأخطاء جاءت لنتعلم منها أحيانا، ثم نتجاوزها سريعا بعد أن نصححها، لكننا حتى وإن صححناها، وأزلنا أثرها الذي قد نكون تسببنا به، نظل على جلد ذواتنا، مسببين عقدا نفسية أحيانا لا داعي لها.
رب العزة لا يؤاخذنا من الأساس على النسيان، لكننا نعاقب ذواتنا عليه، ولا نسامحها بهذه السهولة، ونظل نذكرها سرا وعلنا على هذا السهو، نحن الذين نحمل ذواتنا ما لا طاقة لها به، من خلال تحمل مسؤوليات لسنا مطالبين بها، فنأتي عليها، ونقسو عليها من خلال الجري وراء أهداف ليست لنا، غريبة عنا كما يقول الفيلسوف الروسي فاديم زيلاند، وهو القائل عز من قال (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) رحمة بنا ولطفا وهو اللطيف الخبير.
لرابعة العدوية مقولة جميلة تقول فيها (استغفارنا يحتاج إلى استغفار) فنحن مع كون المولى جلت قدرته وعدنا بالمغفرة ولو جئناه بقراب الأرض ذنوبا، نستغفره بشك وضعف يقين والعياذ بالله، وهو الغفور التواب سبحانه، لطيف رحمن رحيم، لا تأتي القسوة منه، بقدر ما تأتي منا نحن تجاه ذواتنا، التي نقضي العمر في جلدها، والتركيز على السلبيات في كل ما نفعل، غافلين عن رحلات نجاح متعددة ومتراكمة أوصلتنا لما نحن عليه اليوم.. استغفارنا فعلا يحتاج لاستغفار...