سافرتوا؟
سؤال أصبح يبادرك به الناس عند لقائك، ويستقبل به أطفالنا عند العودة للمدارس، بعد أن أصبح السفر في الصيف عادة يلجأ إليها من لديه القدرة على السفر، ومن لا يملك القدرة على حدّ سواء، بعد أن تحول السفر إلى أداة تباهٍ اجتماعي عند البعض، وموضوع دسم للاستعراض على شبكات التواصل الاجتماعي، وسبب للأسف لخلافات أسرية، وضائقات مالية.
قبل عقود قليلة مضت لم يكن السفر للسياحة متاحًا سوى للمقتدرين عليه، أو لأسباب أخرى غير السياحة وللضرورة القصوى، لكن سهولة السفر اليوم، وكثرة الخيارات، وتعدّد الوجهات، وكثرة خطوط الطيران، وبطاقات الائتمان، والقروض الشخصية الميسرة جعلته متاحًا للجميع، من يملك المال ومن لا يملكه.
لكل طبعًا أسبابه، لكن هل من الحكمة أن أسافر على حساب غيري؟! وبأموال لا أملكها؟! هذا هو السؤال!! الذي نحتاج لطرحه على أنفسنا قبل الشروع في التخطيط للسفر، خاصة وأن الخيارات باتت متاحة في سلطنة عمان فيما يتعلق بمنحك تجربة تغيير، ذلك أن التغيير هو واحد من أهم أسباب السفر عند البعض، هذا التغيير تتيحه السياحة الداخلية، التي باتت تقدم تجارب متنوعة لذوي الدخول المحدودة، دون الحاجة لصرف مبالغ طائلة لا طاقة لرب الأسرة بها.
رحلة يومية بدون مبيت تقضي العائلة فيها وقتًا ممتعا معًا، يعودون فيها بنهاية اليوم إلى منزلهم، تترك أثرًا إيجابيًا على أفرادها، أحيانًا أكثر من رحلة تأخذها العائلة في ظروف ضاغطة بسبب ضيق ذات اليد، يجد فيها الشخص نفسه عاجزًا عن تقديم التجربة التي كان أفراد العائلة قد تصوروها، ففي النهاية نحن نقوم بهذه الأنشطة أيًّا كانت من أجل صنع ذكريات جميلة تبقى لأفراد العائلة.
لكن إن كان ولا بد فالتخطيط المسبق للرحلة يمكن أن يقلل كثيرًا من الضغط المالي والنفسي على الأسر، خاصة وأنه اليوم مع التقنية أصبح من الممكن حجز التذاكر والفنادق قبل الموعد بشهور، وتتيح التطبيقات اختيار أفضل أسعار للفنادق والتذاكر، كما أصبحت اليوم الوجهات السياحية متعددة بشكل كبير جدًا يتيح للمرء اختيار الوجهة التي تتوافق مع ميزانيته الشهرية، بل أصبح بإمكانه تخطيط رحلته بكل تفاصيلها من خلال تطبيقات الذكاء الصناعي، الأمر الذي يجعله ليس مضطرًا للسفر بأموال لا يملكها، فيمنح أسرته تجربة جميلة لا يكون ثمنها قلقًا وتلف أعصاب لشهور بعدها.
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية