حصالة وجدان
(وجدان) طفلة في السابعة من عمرها، دأب والديها على تنمية الثقافة المالية لديها أسوة بأشقائها، من خلال منحهم مصروفًا شخصيًا بشكل شهري للصرف منه على متطلباتهم بعد حجز مبلغ الصدقة والادخار، لكن وجدان طالما فقدت صبرها أمام حصالتها التي لا تعرف ما تخفي بداخلها وتلح بالسؤال: متى سنكسر الحصالة، فتكون الإجابة دائمًا عندما تمتلئ، وكيف أعرف أنها امتلأت تسأل الصغيرة تجيب والدتها عندما تصبح ثقيلة.
هذه الإجابة كانت تشعر الصغيرة باليأس أكثر، فهي لا تشعر بأن الحصالة يتغير وزنها، وهو أمر بديهي لأنها تضع فيها عملات ورقية أكثر من المعدنية، وسبب نفاذ صبر وجدان أنها كانت تريد شراء جهاز آيباد جديد عوضًا عن جهازها القديم، وهو أمر يخالف سياسة الأسرة المالية، التي وفرت لها جهازًا أسوة بإخوتها، وقد قيل لها: بإن عليها شراء الجهاز من مالها الخاص إن أرادت، وهو أمر كانت الصغيرة ترى أنه بعيد المنال فكل ما تضع في حصالتها عملات صغيرة لا يمكن أن تكفي لشراء الجهاز الذي تريد، الأمر الذي يعني أن عليها أن تنتظر طويلًا.
في أحد الأيام وأثناء اللعب سقطت الحصالة وانكسرت، وتناثر المال في أرجاء الغرفة، الصغيرة أصيبت بالدهشة عندما رأت كمية المال الذي ظهر من الحصالة، والتي طلبت من والدها أن يساعدها في عدها، المفاجأة أن ما في الصالة كاد أن يغطي كلفة الجهاز الذي أرادت، ومن حسن حظها أن العيد جاء بعد ذلك بفترة قصيرة واستطاعت أن تكمل المبلغ من عيديتها، وذهبت مع والدها لشراء الجهاز الذي أرادت من مالها الخاص مما جعل سعادتها مضاعفة.
البهجة لم تتوقف عند الصغيرة، فالأسرة كلها كانت مندهشة من المبلغ الذي كان في الحصالة المكسورة، مما حفز الجميع على الاستمرار في الادخار بعد أن أيقنوا ما يمكن لمبالغ بسيطة تدخر على مدى طويل أن تفعل.
هاتفتني منذ أيام والدة وجدان لتشاركني هذه التجربة الجميلة، التي كان لها أثرًا بالغ الإيجابية على الأسرة برمتها، والحقيقة أن البهجة انتقلت لي شخصيًا، فقد تعلمت أنا أيضًا من وجدان أن العبرة بالخطوات الصغيرة على المدى الطويل، وهذه أهم استراتيجيات الاستثمار على الإطلاق.
حمده بنت سعيد الشامسية
hamdahus@yahoo.com