تحدي 52 أسبوعا
عندما أطلقت تحدي الادخار على صفحتي في الانستجرام بداية هذا العام لم أتوقع هذا الإقبال عليه من مختلف فئات المجتمع، وأكثر ما أسعدني أن أصبح هذا التحدي مشروعا أسريا تشارك فيه الأسرة، في طريقة جميلة لتقديم الثقافة المالية للأطفال بطريقة محببة، فالإنسان يميل إلى التنافسية بطبعه، ووجود هدف يسعى إليه يعطيه دافعًا وحافزًا للمضي قدمًا.
القصص التي يشارك بها البعض أسبوعيا، هي الأكثر تحفيزا، فنحن نتعلم من نجاحات الآخرين، ونجدها ملهمة، وهي تقدم لنا نماذج جميلة للطرق الإبداعية التي اخترعها البعض لضمان توفير هذا المبلغ الأسبوعي، والأهم أنه جعل أسرا تراجع مصروفاتها بشكل أسبوعي، وأجبرها على مراجعة أوجه الصرف لتدبير مبلغ الادخار، فعندما يجد المرء أنه لا يملك مبلغا يدخره ذلك الأسبوع، جعله يعود لمصروفاته ويراجع أيها يستطيع الاستغناء عنه ذلك الأسبوع، أو إيجاد بديل أرخص على الأقل.
هذا بالضبط هو الهدف من جعل التحدي أسبوعيا، فهو يجبرك على أن تكون مستهلكًا واعيًا، وتختار خيارات واعية، وتتخذ قرارات مالية سليمة، والتحدي المتمثل في الادخار التصاعدي يجعل المرء يخرج من منطقة الراحة تدريجيا، ويتخلى عن السلوكيات السلبية المتعلقة بالمال بشكل تدريجي أيضا، فالنجاح يؤدي إلى مزيد من النجاحات.
يدرك المرء أنه طالما استطاع ادخار ريال، فهو حتما يستطيع ادخار ثلاثة ريالات، ومع الأيام تصبح هذه التحديات الصغيرة أمرا يتطلع إليه المرء كل أسبوع، مشاركة الأطفال أيضا كانت عاملا مهما فالكبار لم يشاؤوا أن يثيروا خيبة الأطفال وجعلهم يفقدون الحماس.
رغم أن التحدي في بدايته، ولست فعلًا متأكدة من النسبة التي ستستمر فيها للنهاية، إلا أنني سعيدة لأن التحدي استطاع أن يلفت انتباه الأفراد لموضوع غاية في الأهمية وهو الثقافة المالية، وجعلهم يراجعون أوجه الصرف، والتعرف ربما لأول مرة على الدوافع النفسية التي تقع خلف القرارات المالية التي يتخذونها، مما خفف الشعور بالذنب والألم الذي عادة ما يرتبط بالمال.
الادخار سلوك، وكأي سلوك يتطلب إدخاله بشكل تدريجي، وعلى فترات طويلة حتى يصبح عادة لا يمكنك الاستغناء عنها، بل ربما تتحول إلى إدمان جميل وأنت ترى نتائجها على تنامي ثروتك.