بعد العادات السبع
عدت لقراءة العادات السبع لأكثر الناس فعالية للكاتب (ستيفن كوفي) الذي قرأته قبل ما يزيد على العقدين من الزمان، غمرني شعور عارم بالامتنان وأنا أدرك أن كل ما ورد في الكتاب تقريبا الذي شعرت في قراءتي الأولى له أنه من المستحيلات قد وصلت له وحققته، وأصبح أسلوب حياة أعيشه بشكل يومي، أذكر كيف كنت مشككة، وشعرت أنه من المستحيل أن تكون الشخصية التي يتحدث الكتاب عنها موجودة على أرض الواقع ولا الأشياء التي يتحدث عنها، كنت في مرحلة حاسمة من حياتي، مرحلة الشك واكتشاف الذات الذي لا شك أن كثيرا منكم مر بها، كنت خلالها أعاني من ضعف في ثقتي بنفسي، رغم أنني كنت بارعة جدا في إخفائها، مع ضعف في تقدير الذات، ورهبة مواجهة الجمهور التي كانت تقف عائقًا بيني وبين تقدمي الوظيفي آنذاك.
من الناحية المالية، كنت معتمدة اعتمادا كليا على الراتب من وظيفتي الحكومية الذي لم يصل إلى ألف ريال حينها، جزء منه يذهب لتغطية قروض بنكية، ومن الناحية الصحية شخصت بخشونة ركبة، ومرض السكري من النوع الثاني نتيجة السمنة التي أعاني منها، فجاءني هذا الكتاب ليقول لي: إن كل هذا ممكن أن يتغير بقرار واحد مني هو أن أتخذ زمام الأمور في حياتي، وأضع لي رؤية واضحة لما أريد أن أحققه في حياتي، وطبعا بدأت حينها بكل ما لم يعجبني في حياتي، وعكسته، وكنت في الواقع مشككة جدا في كوني أستطيع تحقيقه.
اليوم وأنا أعيش هذه الحياة الثرية بكل ما يحمل مصطلح ثراء من معنى، أعود لقراءة الكتاب، لأجد -والدهشة الشديدة تملأني- أنني بالفعل حققت ما جاء فيه، بدءًا من الشخصية القوية، الواثقة من نفسها والمعتدة بذاتها، انطلق صوتي فأصبحت أقدم برامج إذاعية، ولا أرفض أي لقاء إذاعي أو تلفزيوني يعرض عليَّ حتى لو كان في آخر لحظة، أتحدث باللغتين في كافة أنحاء العالم، وضعي المادي أفضل بكثير مما كان أثناء العمل، وصحتي أفضل بكثير مما كانت عليه وأنا في الثلاثين من عمري، متصالحة مع نفسي، سعيدة يغمرني شعور عارم بالرضا عن نفسي وما حققت.
أقول هذا الكلام لكل من هو في المكان ذاته الذي كنت فيه يوما، وقد يكون كتاب العادات السبع أو أي كتاب مشابه بين يديك، وتشك في إمكانية تحقيق ما جاء فيه، أقول لك ما دمت أنا استطعت الوصول، إذن حتما أنت تستطيع.
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية