المواطنة الصالحة
تواصل سلطنة عمان عبر العديد من المسارات الاهتمام بالمواطنة الصالحة، وتنشئة جيل متمسك بعاداته وتقاليده ومعتز بوطنه وهويته وتراثه، في إدراكٍ لأهمية الحفاظ على فكر ناصع وواع للأجيال، يستطيع من خلاله مواجهة ما يتعرَّض له من استهداف ممنهج يحاول المساس بالهوية والمواطنة العمانية وتراثها الأصيل.
وفي كل مرة تتزايد فيها موجة الاستهداف للنيل من فكر الأجيال والناشئة، ومحاولات التسلل لتحجيم هويتهم وتراثهم ومنجزات أوطانهم، يرتفع سقف الوعي المجتمعي ليشكّل سدًا منيعًا لا يمكن اختراقه، مستندا في ذلك إلى توجيهات القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الداعي دائما للاعتزاز والتمسك بالهوية العمانية والتراث الأصيل والسمت العماني الرزين.
وعزز ما كشف عنه صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، في جلسات ملتقى (معا نتقدم) في نسخته الثانية بإصدار الموسوعة العُمانية للناشئة التي من المتوقع تدشينها قريبا، الجهود التي تبذلها سلطنة عمان ممثلة بالجهات الحكومية والرسمية؛ لترسيخ المواطنة والاهتمام بالأجيال والنشء باعتبارهم عماد المستقبل الذين تعتمد عليهم الأوطان لحمل الأمانة وبناء الغد المشرق لعمان.
كما أن ما كشف عنه معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام في الملتقى ببدء العمل على مشروعين استراتيجيين للقوة الناعمة يشملان الثقافة والرياضة والإعلام والهوية وحضارة سلطنة عُمان لتعظيم مكانتها وتاريخها ونقلها للأجيال القادمة، يؤكد العمل على مسارات متعددة لترسيخ الهوية الوطنية والتركيز على حماية فكر الأجيال من أي تسلل فكري يستهدف هويتهم وتراثهم وأصالتهم، من خلال تبنّي رسالة إعلامية ومحتوى إعلامي عبر وسائل الإعلام، التي تعد واحدة من أهم الوسائل وتسهم في تعزيز الهوية وترسّخ الفكر الوطني لدى الأجيال وحبهم واعتزازهم بتاريخهم المجيد.
إن سلطنة عمان ممثلة في المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، أمام مرحلة جديدة من العمل لأجل إنجاح التوجه الرامي إلى ترسيخ الهوية الوطنية لدى الأجيال، والجميع في هذه المرحلة مطالب أن يسهم في هذا المشروع الوطني الذي يستهدف نواة المستقبل وفكرهم وتعزيز انتمائهم الوطني، عبر تعزيز فكرهم وحث روحهم المعنوية على أن تكون معتزة بما تملكه من إرث وتاريخ وحضارة عمانية ضاربة في عمق التاريخ، لها إسهامات إنسانية ومواقف تاريخية مشرّفة يفخر بها كل عماني، وهذه المنجزات والشواهد التاريخية التي تقف شاهدة في كل شبر من هذا الوطن العزيز، يجب أن تعرفها الأجيال وأن تصل إليها وتتعرّف على ما صنع الآباء والأجداد من أمجاد لتكون عمان كما هي اليوم.
كما أن ما خطّته كتب التاريخ وما ترويه سيرة أبناء الخليج والتاريخ العربي عن سيرة وأمجاد أبناء عمان عبر التاريخ جديرة أن تقرأه الأجيال وتتعرف عليه، لتتفتح عقولهم وأفكارهم على إرث عريق مليء بالفخر والاعتزاز.
إن التوجه نحو ترسيخ نهج (المواطنة الصالحة) يتطلب عملا متكاملا، حيث يأتي دور الأسرة والمجتمع كواحد من قواعد نجاح التوجه لتنشئة جيل قادر على تجاوز التحديات وثورة وسائل التواصل الاجتماعي التي أسهمت في دخول بعض الأفكار إلى المجتمع خاصة الشباب والأجيال الناشئة، ومن هنا يأتي دور الأسرة لتمارس واجباتها تجاه تنشئة الأجيال في بذل المزيد من الجهود لتربية الأبناء تربية صالحة وغرس الهوية الوطنية والاعتزاز بالوطن والمواطنة، واستنهاض روحهم المعنوية لتكون دائما شامخة معتزة بنفسها وواثقة في تاريخها ومستقبلها.
سلطنة عمان تمتلك إرثًا حضاريًا وتاريخيًا ضاربًا في القِدم، توارثه العمانيون جيلًا بعد جيل، حافلًا بالمفاخر ومرصّع بالاعتزاز، وتشهد عليه قارات العالم وشعوبها، لذلك فإننا عندما نتحدث عن الاعتزاز بالهوية والتاريخ والأصالة فإننا نتحدث عن مفخرة حقيقية يحق لنا ولأجيالنا أن نعتز بها ونتفاخر ونتمسك بها، وأن لا نصغي لكل من يشكك بهذا الإرث الكبير الحافل بالمنجزات عبر التاريخ.
وعندما تتضافر الجهود وتتحد الأفكار ويعمل الجميع وفق منظومة وطنية متكاملة وهدف واحد، فإن النجاح دائما سيكون حليفا لهذا العمل، خاصة إذا ما كان العمل مخلصا تجاه الأجيال والوطن ورفعته ومستقبله الزاهر.