المتحدث «باسم الوحدات» والمتغيرات الراهنة

11 يوليو 2023
11 يوليو 2023

بات من المتفق عليه إجمالا أهمية بناء قنوات اتصال فعالة بين أي مؤسسة أو منظمة والجمهور الذي تتعامل معه. يعني ذلك بالضرورة صياغة خطابات اتصال تستوعب التحولات السياسية والاقتصادية وما يرافقها من تأثير على البنى الاجتماعية وقناعات وتصرفات الأفراد في المجتمع.

مؤخرا عينت مؤسسات حكومية عدة متحدثين باسم وحدات الجهاز الإداري للدولة الخدمية تُوكَل إليهم مهمة التعامل مع وسائل الإعلام وإيصال المعلومات التي تخص المؤسسات التي يمثلونها وتوضيح سياساتها وأهدافها. طبعا هذه الخطوة لم تأت مصادفة بل هي محصلة عمل ونقاش وجدل وتهيئة امتدت على مدى سنوات. فبالإضافة إلى كونها أحد مظاهر التقدمية والحداثة أصبحت ضرورة وحاجة وفق القناعات التي ترسخت بعد أن خلص عدد من الدراسات والتحليلات المحلية إلى ضرورة تطوير وتفعيل أساليب التواصل المؤسسي مع جمهور المواطنين عبر وسائل الإعلام وتعيين متحدثين خطوة تأتي في سياق هذا التطوير. كما أن تفعيل التواصل الحكومي إعلاميا يتحقق بتكامل جملة من التغييرات التي تخدم إحداها الأخرى وإلا فإن تعيين متحدث لن يحقق المرجو ويصبح ورقة رابحة أفسدنا فرصتنا معها.

مما لا شك فيه أن اختيارات التعيين بالضرورة ستراعي توفر جملة من المهارات والسمات التي يتطلب توافرها من أجل القيام بالمهمة والمتوقع وفق التصريحات التي نشرت سابقا حول هذا الموضوع أن تعيين المتحدث للمؤسسة سيُتبع بعدد من دورات التأهيل والتدريب لضمان أداء يتناسب مع طموحات وأهداف المؤسسات الحكومية وتطلع الجماهير لمستوى عالٍ من الوضوح والشفافية.

لكن من المعروف أيضا أن الناطق باسم الوحدات ليس مجرد شخصية لبقة وذكية وبارعة في الحوارات الإعلامية. إنما عليه أن يكون كذلك شخصا مطّلعا مشاركا لحد كبير في سير العمل ملما بسياسات المؤسسة وأهدافها وهذا يتضمن تقبل وجوده في الاجتماعات وفي المراحل الأولى من رسم الخطط وتحديد المشروعات. يعني ألا يكون واجهة أو نافذة أخيرة تصل إليه مادة المعلومة ويتم دمجه في منظومة العمل وفق هذه الرؤية. بالإضافة إلى إعطائه قدرا من الصلاحية للتصرف والتفاعل دون أخذ الموافقات في بعض الأحيان أو على أقل تقدير إيجاد آليات لتواصله مع المعنيين في المؤسسة ورؤسائها تحديدا في وقت قياسي يضمن سرعة وسلاسة التجاوب مع الحدث في وقته، وهذه كانت بعضا من المعوقات التي أثرت في قدرة دوائر الإعلام والعلاقات العامة على أداء دورها كما يجب، فيفترض ونحن نضيف مكونا جديدا لها يتمثل في المتحدث باسمها أن تتجاوز هذه العقبات ولا نحملها معنا للمرحلة الجديدة.

وربما الصفة الأهم توفّرها أن يتمتع بخبرة وقدرة هائلة في مجال التخطيط الإعلامي ورسم السياسات الإعلامية وصياغة الخطاب الإعلامي الملائم إن لم يكن هو فالفريق الإعلامي الذي يعمل معه «المستشار الإعلامي» دوائر الاتصال والإعلام والعلاقات العامة أيا كانت التسمية فإن المتحدث باسم الوحدة لا يملك القدرة على تطوير خطاب المؤسسة الإعلامي لمجرد أنه بارع في الحديث. وتبقى المسألة في جوهرها هي كل ما تم الحديث عنه سابقا: القدرة في المؤسسات الحكومية على رسم سياسات إعلامية فاعلة وكيفية تمكين المشتغلين في هذا المجال بمثل هذه المهارات والصلاحيات خصوصا ونحن نتحدث عن «رؤية عمان 2040» ووجود بنى جديدة تعمل على تيسير وتحديث وتطوير سياسات التواصل الإعلامي وطرق أدائه بما يتناسب وأهداف هذه الرؤية من مثل مركز التواصل الحكومي، ومركز التدريب الإعلامي والمشتغلين في تنفيذه على تحديد الخطط الإعلامية. كلما تمكنت هذه الجهات أن تعمل باتساق كفريق عمل واحد وتم التأكد من جاهزيتها هي بذاتها معرفيا في مجال الاتصال الجماهيري وفهمها للسياقات الجديدة والمتغيرات التي حدثت للجماهير ومحيطها وقدرتها على توجيه الخطابات الإعلامية في المسار الصحيح تحققت الرغبة في التأثير وجذب الجمهور ليكون متقبلا ومشاركا في تنفيذ سياسات الدولة ومشروعاتها.

حتما هناك الطرف الآخر وهو مجال يطول الحديث فيه ويتشعب. تمكين مؤسسات الإعلام ووسائله المختلفة من القيام بأدوارها الصحفية كما يجب، وتطوير القوانين وتفعيلها وضمان حرية الصحافة وحق الصحفيين في الحصول على المعلومات وإتاحة المجال لهم في العمل على تقارير وتحقيقات صحفية معمقة، هذه كانت أطروحات أولية يُبنى عليها مشروعات تطوير أخرى. خلاصة القول ليكون تعيين المتحدث باسم وحدات الجهاز الإداري للدولة فاعلا ومؤثرا لا بد من تطوير المنظومة الإعلامية بمختلف أنساقها.