الفقر إعاقة
لا يختلف اثنان أن سلطنة عمان ثرية بكل ما تعني الكلمة من معنى، ثرية بتاريخها، وإرثها وحضارتها، ثرية بتنوعها الجغرافي وتضاريسها، وثرية بمواردها المتنوعة من ثروات بحرية وزراعية ومعدنية، لكن الأهم من ذلك موردها الأهم على الإطلاق ألا وهو المورد البشري، لكننا لن نرى هذا الثراء إذا ما ظل تركيزنا على العوز والفقر وغياب الفرص، التي تسيطر على اهتمامنا وتركيزنا وتجعلنا غير قادرين على رؤية الموارد من حولنا التي تنتظر أن تستغل، ولا نرى الفرص الكثيرة التي حبانا الله بها.
لكن دائما ما أصطدم في عملي بعقلية الفقر واليأس والإحباط وجلد الذات، عندما تأتي هذه العقلية من شخص فقير فأنا أتفهم ذلك لأن هذا هو فعلًا واقعه الذي يراه حوله، لكن هذه اللغة لا يستخدمها الفقير بل من يسوق لها هم المقتدرون، الذين ينشرون رسائل إحباط وتعجيز بشكل دائم في حواراتهم وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يشعر الشباب بالعجز واليأس وفقدان الرغبة في العمل والمحاولة، في بيئة سوّقت لهم بأنها طاردة للكفاءات، شحيحة في الفرص، والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كان الأمر كذلك فكيف إذن وصل هؤلاء لما وصلوا إليه من مناصب وثراء مادي واجتماعي، أم أن الوفرة حكرا على فئة دون أخرى.
لقد خلق الله سبحانه هذا الكوكب الثري الزاخر بالثروات، وسخره لنا كبشر بالتساوي، فهو العدل تبارك ربي، وهو الغني الرزاق الكريم المنان، حاشاه أن يجعل هذا الرزق حكرا على عبد دون آخر، لكن هذه النظرة القاتمة بالفعل تحجب عن الشباب نور الأمل، فلا يغدون قادرين على تلمس الفرص التي يزخر بها اقتصادنا الفتي الواعد.
اليوم عندما تتحدث مع شاب تجده مليئا بالأمل، وبالأفكار الخلاقة لبناء مستقبل زاهر له ولعمان، لكنه دائما ما يصطدم بآراء محبطة منا نحن الكبار، الذين بتنا نزرع اليأس والإحباط عوضا عن الدعم والمساندة التي يستحقونها، ربما علينا أن نفتح لهم مجال التجربة، وندعهم يكتشفون عالمهم بدون تدخل من نظرتنا السوداوية.
لأن المستقبل فعلًا جميل ومشرق، والحاضر فعلًا زاخر بالفرص لمن هو مستعد أن يزيل عن عينيه الغشاوة، ويسد أذنه عن آراء المحبطين والمشككين، الذين يزرعون التشاؤم من جهة، ومن جهة أخرى يبنون نجاحات لأنفسهم.
ليست من مصلحة أحد زرع ثقافة العوز والفقر في الجيل الناشئ، فالفقر إعاقة حقيقية للاقتصاد.