الطيران العماني في الطريق الصحيح
تكتسب مرحلة تصحيح الأوضاع وخطة التحول لشركة الطيران العماني أهمية بالغة على المستوى الوطني، وذلك لأن نجاحها يفتح آفاقا من الإيجابية، تجاه مشروعات (الشركات الحكومية)، وإيجاد بصيص أمل لتحول «الطيران العماني» من الخسائر المتواصلة إلى تحقيق (صفر خسائر)، كما يفتح نجاح الخطة المجال لمعالجة أوضاع العديد من الشركات الحكومية التي تعيش أوضاعا مشابهة لأوضاع الطيران العماني، خاصة فيما يتعلق بالخسائر المالية الكبيرة رغم كل الدعم الحكومي الذي يقدم منذ سنوات.
إن خطة التحول التي تقودها الحكومة لهذا الكيان الاقتصادي والعزم على تغيير واقعه إلى الأفضل، تحتاجان إلى تفهم ووقفة من المجتمع، خاصة في هذا التوقيت المهم من عمر (خطة التحول)، حيث يرتبط نجاح الخطة بنجاح المساعي الوطنية لانتشال هذه المؤسسة من عمق الخسائر، إلى رحاب النمو وتحقيق الأرباح، وبالتالي فإن النتائج الإيجابية التي ستخرج بها هذه الخطة، ستكون قابلة للتطبيق لانتشال شركات حكومية أخرى، ويضع الطيران العماني وغيره في المسار الصحيح، ومن ثم الوصول إلى الأهداف الوطنية المنشودة من الشركات الحكومية.
الطيران العماني كان في واقع مغاير عما هو عليه اليوم، والحديث عن المستقبل يكون ذا أهمية أكبر من العودة أو التندم على ما فات ولكن ـ مع أخذ العبر مما مضى ـ فإن المرحلة الحالية، وبطبيعة الحال قد تواجه بعض التحديات، ومن بين هذه التحديات إثارة بعض السلبيات بين الحين والآخر عن الخطط التي تقوم بها إدارة الطيران العماني، وهذا أمر طبيعي بأن تكون مثل هذه الخطط محل نقد من بعض المنتفعين من جوانب معينة في وقت مضى، وإصلاح تلك الجوانب أو تعديلها قد يضر بمصالحهم، لكن يبقى تغليب المصلحة الوطنية هو الأهم والغالب، وعلى المجتمع أن يقف مع الخطة الوطنية لإعادة مسار الطيران العماني وأوضاعه المالية والإدارية إلى الطريق الصحيح، ليكون رافدا من روافد الاقتصاد الوطني، ومسارا من مسارات استيعاب القوى الوطنية العاملة.
وقد كشف اللقاء الإعلامي الذي عقد يوم السبت الماضي عن انخفاض صافي خسائر الشركة بنهاية عام 2023 بنحو 36 %، وارتفاع إيراداتها لقرابة 30 %، مقارنة بعام 2022، وهذه المؤشرات دليل على بدء تحقيق النجاحات للوصول إلى الغايات المنشودة، وهذه مؤشرات إيجابية بدأت تتحقق.
لقد تبنت المرحلة الثانية من برنامج التحول للطيران العماني العديد من الاستراتيجيات كخفض عدد الرحلات على الخطوط ذات الأداء الضعيف دون الحاجة إلى إغلاق أي خطوط أو وقف تشغيل أي طائرة أو بيعها، ووقف جميع أوجه المصروفات غير الضرورية في جميع الدوائر المختلفة بالشركة مثل: الرعايات، وتخفيض وإلغاء عدد من عقود الخدمات غير الضرورية للشركة، وفي مثل هذه المرحلة تعد هذه الخطوات والاستراتيجيات شجاعة، وهذا ما يحتاج إليه أي قطاع حيوي يراد منه تغيير واقعه من الخسائر إلى تحقيق الأرباح، فالقرارات الصعبة والمصيرية تحتاج إلى شجاعة وسرعة في اتخاذ القرار.
وأغلق الطيران العُماني السنة المالية 2023 دون الحصول على أي قروض بنكية إضافية أو ضمانات حكومية، كما تحسنت عوامل الحمولة لأسطول الطيران العُماني بنسبة 9 %، واستطاع الطيران نقل أكثر من 6 ملايين مسافر عبر وجهات الشركة المختلفة، وتشغيل أكثر من 45 ألف رحلة مجدولة، كل هذه المؤشرات الإيجابية، نعدها بداية السير في الطريق الصحيح، وخطوات ناجحة سوف يكون لها معطياتها الإيجابية على عدة مستويات، وأهمها المستوى الوطني.
إن الخسائر التي كان الطيران العماني يتكبدها، والخسائر التي تعلن عنها الكثير من الشركات الحكومية، أوجدت نوعا من السلبية لدى شريحة واسعة من المجتمع، تجاه بعض الشركات الحكومية، وفي حقيقة الأمر فإن المجتمع ـ لا يلام ـ على تلك السلبية تجاه تلك الشركات، لأن واقعها كان لا يوحي بأي جانب إيجابي نظرا لما تحققه من خسائر.
لذلك فإن نجاح خطة التحول في الطيران العماني ستنعكس مؤشراته الإيجابية على محاور عدة، ومن بينها تأكيد الثقة في «الإدارة العمانية» وقدرتها على إدارة قطاعات حيوية لها المردود الإيجابي الكبير للبلاد، متى ما تمت إدارتها بالطريقة الصحيحة والمناسبة.