الصين الحديثة
أربعةُ عناصر أساسية فـي تحولات الصين إلى الحداثة والتطور، وهي تشمل التحولات الجذرية، والمزاوجة بين الاشتراكية والرأسمالية، والتنمية للجميع، ومشروع المستقبل المشرق، والتي أوصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم. التجربة الفريدة فـي العنصر الأول هي فـي التحولات الجذرية التي اتبعتها الصين منذ تأسيس الحزب الشيوعي فـي مدينة شنغهاي فـي عام 1921م، قبل قرن ونيف من الآن، والذي ركز على أهمية التحول الاقتصادي للفرد بإخراج عموم المواطنين من حالة الفقر فـي طبقة الفلاحين والعمال إلى مستوى أفضل، وانطلق البرنامج بعد الحرب العالمية الثانية خاصة فـي عقد الستينيات والسبعينيات ليؤسس للصين الحالية. العنصر الثاني، نجاح المزاوجة بين الاشتراكية والرأسمالية بدءًا من مطلع هذا القرن، نقطة تحتاج إلى التوقف عندها، والتي التقطت فـيها الصين فكرة مواكبة العصر، فلم تتخلَّ عن عقيدتها الاشتراكية التي انهارت على مستوى العالم فـي شرق أوروبا وشرق آسيا. العنصر الثالث، آمنت فـيه الصين أن تنمية دول الجوار والقارة الآسيوية والدول الأخرى الراغبة فـي العالم من خلال مشروعات الاستثمار فـيها، أو من خلال اتفاقيات التسهيلات فـي التجارة أو التعاون فـي السياسة وغيرها، تؤدي إلى الازدهار والتنمية ورفع مستوى المعيشة والاستيراد منها، وتوجت ذلك بمشروع الحزام والطريق استكمالًا للمشروع التاريخي «طريق الحرير»، وهذه رؤية فريدة ومتقدمة كون الصين تؤكد مرارًا أنها لا ترغب أن تكون الدولة الأولى فـي العالم. فـي العنصر الرابع، التنمية المشرقة ويمثل المشروع التكاملي بين الصين ودول العالم النامي الذي ترى أن ازدهارها هو ازدهار الصين، ودعمها بالوسائل التي تمكنها من تحقيق غايتها فـي مسارات الاقتصاد والاستثمار والتقنية والزراعة والتشارك معها فـي المشروعات المختلفة بهدف تحقيق عوائد أكبر لها فـي المستقبل. أمام هذه التحولات الاقتصادية المبهرة، والتي وُلِدت من رحم التعليم والتدريب والتطوير والتحديث والمراجعة، تسير الصين اليوم بخطى واثقة، حيث حققت مساهمة فـي الاقتصاد العالمي بلغت 30%، وبلغت زيادة الناتج المحلي 4.8% هذا العام، وهو رقم باهر فعلًا بعد أن تخطى هذا الناتج 13.33 تريليون دولار (94.97 تريليون يوان) خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر من هذا العام، والمتوقع أن يتخطى 17 تريليون دولار مع نهاية هذا العام؛ كون هذا الاقتصاد استطاع خلال قرن أن يتغلب على أكبر التحديات التي واجهته، لا سيما التعليم وتطوير البنية الأساسية. اليوم نحتاج إلى أن نستفـيد من تلك التجربة على المستوى الاقتصادي؛ كون سلطنة عُمان تحظى بتقدير كبير للغاية من قبل القيادة والشعب الصيني الذي يرى انفتاحه على الآخر وسيلة لتعزيز العلاقات مع الجانب العربي خاصة. فرص الاستفادة الاقتصادية والاستثمارية والتجارية مع بكين تتعاظم اليوم أمامنا نظرًا لحجم الاقتصاد الكبير الذي تتمتع به بكين، ومنه نستطيع النفاذ إلى جوانب أخرى. لذلك، فإن التفكير فـي مشروعات أكبر وأكثر قدرة على التصدير وإعادة التصدير والتصنيع فـي مجالات البتروكيماويات والتقنية والسيارات والمحركات، وتوسيع نوعية المشروعات المشتركة والاستثمارات النوعية فـي الأعمال ذات العائد الكبير، سيسهم فـي تطور العلاقة التجارية بين البلدين، وهذا سيمثّل نقطة ارتكاز للاقتصاد المحلي فـي العقود القادمة. |