الحياة بعد الستين

30 يونيو 2024
30 يونيو 2024

الكثيرون منا على مشارف الستين أو ربما وصلناها، والبعض قد يكون اتخذ قرارا بأن يرتاح بعد حياة حافلة بالعمل والعطاء، لكن تقاعدنا نحن أبناء هذا الجيل ليس كتقاعد الأجيال التي سبقتنا، فالمتقاعد في عمر الخمسين منذ عقود مضت لم تكن الحياة المتاحة له مثلما هي متاحة اليوم، فعمر الستين هي الأربعون الجديدة كما يقال، ذلك أن تطور الخدمات الصحية والرفاهية التي يعيشها أبناء جيلنا تجعلنا ليس فقط نعيش لفترة أطول، ولكن نعيش حياة أفضل ونتمتع بصحة جيدة حتى منتصف الثمانينيات من العمر وفقا لتوقعات الحياة.

مما يعني ثلاثين سنة أخرى أمامنا بعد ترك الوظيفة، فما الذي نويت القيام به خلال هذه السنين؟ هل فكرت في وضع خطة جديدة لحياتك، تتضمن تعويض ما فاتك؟ ربما أحلام كنت قد وضعتها في شبابك لكن لم يتسن لك تحقيقها؟ وقد تكون أحلاما جديدة تمخضت عن هذه المرحلة العمرية التي تتسم بالنضج، والتي أثرتها الخبرات، الجميل أن في هذه الفترة كل شيء ممكن ومتاح، ففي كثير من أنحاء العالم تجد المتقاعدين يبدأون في دراسة تخصصات جديدة، ويبدأون العمل في قطاعات مختلفة تماما عما اعتادوا عليه، اليوم القوانين تغيرت، والحدود ذابت فلست مضطرا للدراسة في بلدك، ولست حتى مضطرا للترحال من أجل التعليم والعمل، فالعالم الافتراضي أصبح بين يديك كمصباح علاء الدين الذي يضع العالم بين يديك.

لأولئك الذين يفضلون الراحة والاسترخاء وربما السفر، أصبح هذا متاحًا لهم وبشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية، فكثرة خطوط الطيران أتاحت السفر بكل سهولة، وكثير من الدول ألغت تأشيرات الدخول إليها من أجل جذب السياح والمستثمرين على حد سواء، وأصبح بإمكان المرء شراء بيت والإقامة فيه في أغلب الدول الآن.

بمعنى آخر يمنحك بلوغ الستين اليوم فرصة للبدء من جديد، والأمر متروك لك فيما إذا أردت القيام ذلك أم لا، فكونك بلغت الستين أو تجاوزتها فهذا يعني أن لديك رصيدا من المهارات والمعارف التي تستطيع أن تصنع لك بها حياة ثرية، وتصنع فارقا في حياة من حولك، وتقوم بما كنت ترغب القيام به دائما، إنه عمر جديد فعلا.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية