الأشجار تشرب الملح!!
تتقدم العلوم بسرعة كبيرة، وتتوسع الأبحاث والدراسات، وتحطِّم كثيرا من المقولات التي كانت تعد مسلّمات علمية في فترة ما، وهذا يدلنا على قدرة الله العظيمة التي تسخّر كل شيء لخدمة الإنسان، وعلى المرونة المعجزة في بواطن الأمور.
نفكّر في الأمن الغذائي لبلادنا، وتحاصرنا مسلّمة درسناها على مقاعد الدراسة، وهي أن هناك أراضي صالحة للزراعة، وأخرى غير صالحة كالصحاري والأراضي المالحة والمستنقعات، فماذا نفعل مع محدودية الأرض الزراعية في البلاد؟
لكننا نكتشف أن هناك محاصيل زراعية تنمو بنجاح في الأراضي الصحراوية مثل البرسيم والقمح والشعير، كما أنه يمكن زراعة الفواكه والخضروات بشكل مميز ورائع مثل الملوخية والقرع والبطاطا والباذنجان والشمام والبصل والبطيخ في الصحاري، ناهيك عن تخضير الصحاري بأنواع الأشجار المختلفة، وتخفيف الحرارة.
وهناك نباتات وأشجار تتحمَّل ملوحة التربة وملوحة مياه السقي، وقد لا نحتاج إلى دليل؛ فنخيل ساحل الباطنة كثير منه يُسقى بمياه آبار تحولت إلى الملوحة، بل يقول بعض المعمرين إن نخيل التمر يُحب المياه ذات الملوحة. كذلك حشائش رودس تنمو بشكل جيد جدا في التربة المالحة، والبرسيم، والبونيكام، واللوسينا والذرة الرفيعة، واللفت العلفي والشمندر العلفي، وعباد الشمس، والكينوا والعصفر، والباذنجان وبعض الخضروات، وفواكه مهمة مثل التين والشيكو.
فمن تجارب بعض الإخوة في مزارعهم تتحمَّل فاكهة الشيكو نسبة ملوحة مثل ملوحة المياه التي تسقي النخيل، وتجود بثمر ذي مذاق فائق الحلاوة، ويمكن أن يتحول لمحصول اقتصادي يورَّد إلى بلدان البحر المتوسط والبلاد الباردة.
نستغرب من سعة المنشور الذي يتحدث عن الأراضي الملحية والمياه المالحة، وأنواع النباتات والأشجار التي تُزرع فيها سواء غذاء الإنسان من الخضروات والفواكه أو الأعلاف الحيوانية، وكذلك الزراعة في تربة الصحاري وبأقل كمية من المياه، والزراعة في المستنقعات المائية، والأراضي الصخرية والمدرجات الجبلية، فقد نجحت بلدان مثل إندونيسيا والصين في زراعة الأرز- ذلك المحصول المعقّد- على المدرّجات الجبلية.
د. طاهرة اللواتية إعلامية وكاتبة