أنا أتأتئ فاسمعني
دعيت من قبل مبادرة (اسمعني) وهي مبادرة شبابية عمانية لدعم الأفراد الذين يعانون من مشكلة التأتأة أو التلعثم، لحضور حفل اليوم العالمي للتأتأة، كان لهذا الحدث تأثيرا عظيما علي، وأخاله على الكثيرين ممن حضر ذلك الحفل، شعرت أولا بمقدار جهلي الذي يتزايد إدراكي له كل يوم، فهاهي كلمة صغيرة سمعتها مرارا وتكرار، وربما صادفت أشخاصا يعانون منها في وقت ما، تكشف لي عالم كبير أجهله، عالم يضم 70 مليون إنسان حول العالم، أي ما يعادل 1% من سكان الكرة الأرضية، شعرت فعلا بضآلتي أمام هؤلاء الفتية والفتيات الذين يخوضون معارك بطولية يومية للتغلب على هذا المرض من جهة، وإثبات وجودهم من جهة أخرى، واسترداد حقوقهم في عيش حياة طبيعية مثل أقرانهم.
وأنا أسمع من يقول أن أحد منتسبي المبادرة هاتفه يوما يبشره بأكبر إنجازات حياته، ألا وهو أنه استطاع عندما طلب منه رقم هاتفه في المركز الصحي أن ينطقه كاملا بلا تردد ولا تأتأة، آخر ما فكرت فيه، وأنا أعيش معاركي اليومية مع الأهداف والإنجازات، أنه يوجد شخص أقصى ما يتمنى هو أن ينطق جملة واحدة بلا تلعثم.
نحن دائما ما نبحث عن القدوات، وقصص النجاح في الخارج، لكن الأبطال الحقيقين يعيشون بيننا، ألتقي بهم كل يوم من خلال عملي، ومنهم أعضاء مبادرة (اسمعني) الذين قرروا عوضا عن الانزواء والاستسلام للعزلة والوحدة التي تفرضها مشكلة التأتأة، عوضا عن السماح لأنفسهم أن يكونوا مادة للسخرية والتنمر، قرروا خوض معارك لاسترداد أصواتهم، ومساعدة الآخرين في ذلك.
القصص التي سمعناها على ذلك المسرح، والنماذج التي شهدناها، أثبتت لي فعلا أن (المبادرات) سلاح تغيير جبار، و كإنسانة فقدت صوتي سنوات طويلة لفوبيا مواجهة الجمهور، أستطيع القول أن استرداد الصوت يستحق التضحية، لا شيء يعادل الشعور بأنك قادر على الوقوف أمام العالم، والتعبير عما يجول بداخلك من خلال صوتك، الصوت نعمة، وهو أداة تغيير جبارة، فلا تسمح لأحد أن يسلبك هذا الصوت، ولا تسمح لأحد أن يطفئ الأمل فيك أنه مهما كانت المشكلة التي تعاني منها، سواء كانت تأتأة أو فوبيا مواجهة جمهور، فهي مجرد مشكلة، ولا توجد مشكلة بدون حل، الحل أحيانا أبسط بكثير مما نظن، وهو في متناول اليد لكن الخوف أحيانا يعمينا عن رؤيته.
اليوم أقف أنا، وأعضاء مبادرة (اسمعني) وكل من تغلب على هذه المشكلة شاهدا على ذلك.