أربعة أيام عمل
يورد الكاتب ميك وايكينج في كتابه «كتاب ليكي الصغير» قصة زوجين بريطانيين انتقلا للعيش في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن: «كنا مرهقين جدًا من ساعات العمل الطويلة، ومن المواصلات، زوجي يعمل ساعات طويلة، وعندما يعود نكون أنا والطفل قد نمنا، تمضي أيام لا نلتقي فيها» وكان الزوجان قد تركا وظائفهما المرموقة ذات الدخول العالية في المملكة المتحدة من أجل إيجاد وقت للاهتمام بالأسرة وتربية أطفالهما، حيث تعتبر الدنمارك من أكثر الدول الغربية مراعاة لقيمة التوازن بين البيت والعمل، فلا يعمل الدنماركيون خارج أوقات العمل، ولا يجد الآباء حرجًا من الاعتذار عن اجتماع مهم بسبب ارتباطهم بإحضار الأطفال من المدرسة.
اليوم عدد من الدول بدأت في تعديل سياسات العمل فيها لمعالجة الضغوطات والإرهاق الذي يعاني منه العمال، والتشتت الأسري الناتج عن غياب الوالدين فترة طويلة عن البيت، تاركين الأبناء في رعاية أشخاص آخرين، أو الأسوأ في رعاية أجهزة إلكترونية طوال اليوم.
من هذه السياسات العمل عن بعد الذي فرضته ظروف الجائحة، فوجدت الدول أنه خيار جيد لجميع الأطراف، فهو يقلل الضغوطات خاصة على النساء العاملات لأنه يتيح لهن الموازنة بين البيت والعمل، ويخفف من ازدحام الطرق وبالتالي التلوث بأنواعه، ناهيك عن خفض التكاليف التشغيلية للمؤسسات.
كما لجأت بعض الدول إلى تخفيض أيام العمل إلى أربعة أيام بدل خمسة أيام، لمنح الأفراد فرصة للراحة وشحن الطاقة وللتواصل الإنساني الذي لا تتيحه ساعات العمل الطويلة، وممارسة الهوايات المحببة لديه والتي يرى المختصون أنها تساهم في رفع المعنويات والتنفيس عن النفس، مما يؤدي إلى رفع الإنتاجية.
وفي حين ما زالت بعض الدول تدرس هذا الخيار فإن دولا أخرى قد بدأت العمل به فعلًا، ومن ضمنها اليابان التي تأتي على قائمة الدول التي يعاني العمال فيها من الإرهاق الشديد والضغوطات بسبب بيئة العمل الضاغطة، وكذلك إيرلندا واسكتلندا وإمارة الشارقة، فيما خفضت الحكومة الاتحادية في الإمارات العربية المتحدة أيام العمل إلى 4 أيام ونصف يوم.
فهل ستشهد الفترة القادمة انضمام مزيد من الدول من أجل تعزيز التنافسية العالمية؟