أبناؤنا وخطة التوازن المالي

22 أغسطس 2021
22 أغسطس 2021

حالة من الإحباط لاحظتها عند الصغار وهم يتحدثون عن مستقبلهم المهني، وكثيرا ما أسمع هذه الجملة: الوضع ليس كما كان، والوظائف باتت شحيحة، ومع خطة التوازن المالي لا نرى لنا مستقبلا.

أتألم كثيرا كأم قبل أن أكون مواطنة على الوضع الذي وصّلنا له أبناءنا، كيف وصل معنى (التوازن المالي) في أذهانهم إلى مشروع يهدف إلى سلبهم مستقبلهم، عوضا عن أن يكون حلما وطنيا جميلا يتطلعون إليه؟ ومن المسؤول عن هذا التشويش الفكري لأذهانهم البريئة؟!

الإجابة أعتقد أنها تكمن في حديث الشارع السلبي، ممن غاب عنهم مفهوم المصطلح، وشبكات التواصل الاجتماعي التي للأسف الشديد لا تأتي لنا إلا بما هو سلبي، وكلما زادت السلبية والسوداوية في الموضوع، كلما زادت الإثارة، التي تعني مزيدا من المتابعين، والذي أصبح هدفا بحد ذاته يسعى له رواد هذه المواقع، لكن على حساب هذا الجيل.

تجد الناس فعلا أكثر حماسا للموضوع عندما يصلهم بأسلوب يستطيعون فهمه، عندما يعلم الشاب أن خطة التوازن هي مشروع وطني جبار، يهدف إلى إعادة وضع عمان المالي إلى مرحلة تتساوى فيها الإيرادات مع المصروفات، وتتحرر السلطنة من الديون، فيصبح اقتصادنا قادرا على توفير وظائف جديدة باستمرار، تستوعب الداخلين الجدد لسوق العمل.

فالحكومة هي رب البيت، ومعيل الأسرة، الذي يستطيع أن يوفر مستوى معيشيا مناسبا لأسرته عندما يكون لديه دخل ثابت وعال، لكن إذا فقد رب الأسرة عمله، و مصدر دخله، أو كان يشغل وظيفة براتب متدن، وغارق في الديون، فلن يستطيع أن يوفر لعائلته أبسط متطلباتها.

لا يوجد رب دار إلا ويتمنى أن يرى أسرته تتمتع بأعلى مستوى معيشي يستطيع توفيره لها، لكن أحيانا تهاجمه الظروف الخارجة عن إرادته، فنحن نعيش في زمن أصبح فعلا صغيرا للغاية، مفتوحا بشكل كبير، اقتصاده متداخلا بشكل غير مسبوق، ومترابطاً بشكل يجعل الدول عاجزة عن العمل خارج هذا الإطار، الذي بات عرضة لكثير من الأزمات المالية مؤخرا، فلا يكاد العالم ينهض من أزمة إلا ووجد نفسه في أزمة أخرى، لكنه أيضا يستطيع أن يجد في كل مرة طريقة للخروج، والازدهار من جديد.

الحياة دائما وأبدا تتطلب تصحيح المسار وفقا للعوامل المحيطة بالفرد، لكن التركيز المفرط على المشاكل، يغرقنا أكثر في هذه المشاكل، ويجعلنا غير قادرين على رؤية الحلول التي قد تكون ظاهرة للعيان.

يحتاج الأبناء للشعور بالانتماء، والأمان، والاطمئنان على مستقبلهم، فالخوف مؤلم، ويزرع فيهم الإحباط، والعجز وكلما زادت سوداوية الصورة التي يرونها لمستقبلهم سيزيد هذا الإحساس بالإحباط.