د. محمد رياض حمزة -
mrhamza1010@gmail.com -
في الأول من يناير 2018 دخل تطبيق ضريبة القيمة المضافة في كل من السعودية والإمارات حيز التنفيذ، بعد شهور من الاستعدادات. وتفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة أساسية قدرها 5% على مجموعة من السلع والخدمات حسب قواعد معلنة. وتهدف الضريبة، الأولى من نوعها في الدولتين، إلى تقليص الاعتماد على النفط، كمصدر رئيس للإيرادات، وتوفير إيرادات مستدامة للحفاظ على مكانتهما الاقتصادية وجودة بيئة الأعمال والاستثمار فيهما. ويأتي تطبيق ضريبة القيمة المضافة تنفيذا لخطط مجلس التعاون الخليجي بشأن تعزيز الإيرادات غير النفطية.
وفي السلطنة أعلنت وزارة المالية عن تأجيل قرار تطبيق ضريبة «القيمة المضافة» بواقع 5% حتى 2019 وكان ذلك الفرار صائبا. إذ يمكن متابعة أثر تطبيق الضريبة في كل من السعودية والإمارات.
والقيمة المضافة، ضريبة غير مباشرة يدفعها المستهلك، وتفرض على الفارق بين سعر الشراء من المصنع وسعر البيع للمستهلك. وتأتي الضريبة الانتقائية والضرائب الأخرى، لتعزيز الإيرادات التي تقلصت جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه ميزانيات دول الخليج بشكل رئيسي. وقد يكون من المفيد متابعة التقارير وتحليلات الاقتصاديين التي ستنشر خلال النصف الأول من العام الحالي 2018 لمعرفة تأثير تطبيق ضريبة القيمة المضافة في كل من السعودية والإمارات على أسعار المستهلك. ومدى التزام القطاع الخاص بالتأقلم مع تطبيق هذا النوع من الضرائب.
ــــ ففي المملكة العربية السعودية توقع خبراء في أنظمة ضرائب القيمة المضافة أن ينعكس فرض ضريبة القيمة المضافة في السعودية على معدل التضخم فيها، بخروجها من النطاق السالب، وارتفاع التضخم بنسبة 3%. وإن تطبيق الضريبة في السعودية سيكون لفترة وجيزة، تصل إلى 3 أشهر، يتم بعدها تقييم إن كان سيتأقلم مع المستهلكين والأسواق. وإن نسبة الضريبة المطبقة في السعودية، تعتبر قليلة بالنسبة لضريبة القيمة المضافة في دول العالم الأخرى.
وتوقعت الحكومة السعودية ارتفاع التضخم بنسبة 5.7% في 2018، مع تطبيق بعض التدابير الإرادية دون وما وصفته بتصحيح أسعار الطاقة.
ــــ وفي دولة الإمارات العربية المتحدة فإن الخبراء توقعوا إن فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% سيكون له تأثير محدود على معدل تضخم أسعار السلع والخدمات، بنسبة تتراوح بين 1% أو 1.5 %. إن إلى تدني النسبة المفروضة خليجيا بالمقارنة مع دول التعاون الاقتصادي، التي يصل فيها هذا النوع من الضرائب إلى متوسط 11%، ويتوقع أن ترتفع الضريبة بدول الخليج إلى نسبة 10% خلال خمس سنوات مقبلة .وأن تأثير الضريبة على تضخم الأسعار، سيقتصر على الفصل الأول من 2018، ولن يكون مستمرا في كل فصل وكل سنة، وهذا مهم. وأن يعلن كثير من الشركات تحملها للضريبة وعدم تمريرها إلى المستهلك. وإن الأثر الذي سيلمسه المستهلك مباشرة يكون في قطاعات، المطاعم والسلع والمشتريات من مراكز التسوق، بجانب خضوع قطاع التأمين على السيارات والتأمين على الصحة وغيرها من أنواع التأمين لهذا النوع من الضرائب.
وبما أن ضريبة القيمة المضافة ستفرض على سلع وخدمات ُتقدم للمستهلك فإن تعامل الشركات المنتجة أو المستوردة للسلع سترحل أي زيادة في الكلف الكلية لتلك السلع والخدمات إلى المستهلك وبمختلف الأساليب التي خبرتها. لذا فإن تضخم أسعار المستهلك متوقع إثر تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وكانت وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية قد قالت “ إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الخليج سيحدث مخاطر تشغيلية للشركات، وسيضغط على أرباحها قبل احتساب الفوائد والضريبة والاستهلاك والإهلاك في بعض القطاعات. وترى الوكالة أن الشركات قد تواجه تحديات كون دول الخليج لم تفرض ضرائب من قبل، ما يعني أن المرحلة الأولية قد تحمل بعض الأخطاء، بالتالي تتوقع “فيتش” أن تُظهر الحكومات الخليجية بعض المرونة أثناء التطبيق الأولي لضريبة القيمة المضافة.
وكان فريق عمل من دول المجلس من المتخصصين والباحثين الأكاديميين والمتخصصين في الجوانب النظرية والتطبيقية لضريبة القيمة المضافة، توصلوا إلى مجموعة من التوصيات والدروس لدول مجلس التعاون الخليجي، أهمها ما يلي:
ــــ أنه من مصلحة دول المجلس بعامة والإمارات بخاصة أن تطبق نظاما موحدا لضريبة القيمة المضافة بحلول عام 2012 ليحل محل الرسوم الجمركية ورسوم الخدمات التي تعتمد عليها هذه الدول كمصدر لإيراداتها غير النفطية. غير أن تدفقات واردات النفط الضخمة صرف النظر عن تطبيق تلك التوصية.
ـــــ بناء الإطار المؤسسي والإداري إلى جانب ترتيبات المشاركة في الإيرادات بهدف ضمان الجدوى السياسية والاقتصادية لنظام ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس.
ــــ وبهدف تسهيل إدارة ضريبة القيمة المضافة وتجنب العوامل المشجعة على التهرب الضريبي، ينبغي أن تكون قاعدة ونسبة هذه الضريبة متشابهة على مستوى دول المجلس.
ولغرض تحديد المستوى الأولي للاستثناء من دفع ضريبة القيمة المضافة، وفيما إذا كان المستوى المذكور منفردا أو مشتركا، لابد من إجراء الدراسات حول هذا الموضوع من قبل كل دولة خليجية على حدة تبعاً لخصائص اقتصاداتها وأنظمتها الإدارية.
ــــ ينبغي أن يتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس بصورة تدريجية بدءًا من أوطأ نسبة منها.
ــــ بناءً على تجربة الاتحاد الأوروبي في مجال ضريبة القيمة المضافة، من الضروري استخدام نظام رقم التعريف للضريبة المفردة بهدف تسهيل تبادل المعلومات والإجراءات لنظام ضريبة القيمة المضافة الجديد لدول المجلس.
ـــــ تطبيق إجراءات قانونية موحدة لضريبة القيمة المضافة في دول المجلس بحيث تكون مواكبة للإجراءات المطبقة في دول الاتحاد الأوروبي ولكنها معدلّة بما يضمن تجاوز المشاكل الإجرائية والقانونية التي تعتري التجربة الأوروبية وبقية التجارب العالمية في هذا المجال. ولعل أهم القضايا القانونية هي استحداث قوانين مشتركة تتناول مختلف القضايا المتعلقة بضريبة القيمة المضافة.
ونقلت وسائل الإعلام أن دول مجلس التعاون الخليجي أعفت النفط ومشتقاته والغاز من ضريبة القيمة المضافة. وتركت الحرية لكل دولة لإخضاع أو إعفاء 4 قطاعات من فرض الضريبة البالغة نسبتها 5% فيها، وهي: التعليم، والصحة، والعقار، والنقل المحلي.
وبحسب لائحة ونظام الاتفاق الموحد لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون الخليجي فإنه يسمح لكل دولة عضو أن تستثني كلاً من الجهات الحكومية التي تحددها، والجهات الخيرية والمؤسسات ذات النفع العام، وفقاً لما تحدده كل دولة، والمزارعين والصيادين غير المسجلين للضريبة، والشركات المعفاة بموجب اتفاقات لاستضافة فعاليات دولية، ومواطني الدولة العضو عند تشييد منازلهم للاستعمال الخاص، من دفع الضريبة عند تلقي السلع والخدمات في تلك الدولة.
وتخضع كل السلع الغذائية لنسبة الضريبة الأساسية، مع جواز إعفاء بعض السلع الغذائية الموجودة في قائمة سلع موحدة، كما تعد الأدوية والتجهيزات الطبية من السلع المعفاة من الضريبة، ولكن وفق ضوابط موحدة. وتضمن الإعفاء من ضرائب القيمة المضافة نشاط نقل السلع والركاب من دولة عضو إلى دولة عضو أخرى، وتوريد الخدمات المرتبطة بالنقل، إضافة إلى النقل الدولي للسلع والركاب من وإلى إقليم دول مجلس التعاون، وتوريد الخدمات المرتبطة بالنقل. وتضمن الإعفاء من الضريبة الخدمات المالية التي تقوم بها المصارف والمؤسسات المالية، ويحق للمصارف والمؤسسات المالية استرداد ضريبة المدخلات على أساس معدلات استرداد تحدد وفقاً لما تحدده كل دولة.
وبعد معرفة حجم الإعفاءات التي شملت معظم الأنشطة الاقتصادية المالية أو التجارية أو الخدمية الحكومية أو الخاصة يمكن أن تخضع لضريبة القيمة المضافة وتوفر موردا ماليا للدولة.