بمشاركة أكثر من 100 شاب وشابة موزعين على 35 فريقا -
إبراء - سالم بن محمد البراشدي -
توّجت اللجنة الوطنية للشباب الفرق الفائزة بالبطولة الوطنية للمناظرات، حيث فاز فريق محافظة الظاهرة عن فئة الشباب الناشئة من طلبة المدارس، وفريق كلية العلوم التطبيقية بعبري عن فئة شباب الجامعات والكليات، وذلك في حفل الختام الذي أقيم بجامعة الشرقية تحت رعاية سعادة الشيخ يحيى بن حمود المعمري محافظ شمال الشرقية، البطولة شارك فيها أكثر من 100 شابّ وشابّة موزّعين على أكثر من 35 فريقا. وبلغ عدد المحكمين في هذا البطولة 53 شابا وشابّة من ذوي الخبرة في مجال التحكيم والتدريب في مجال المناظرات، تلقى 15 محكمًا منهم التدريب خلال فبراير في حلقة نفذتها اللجنة الوطنية للشباب. كما نالت المناظرة رشا بنت خليفة الرحبية من جامعة السلطان قابوس لقب أفضل متحدث عن فئة شباب الجامعات والكليات، ونالت المناظرة إيمان بنت هلال السكيتيّة من محافظة الظاهرة اللقب ذاته عن فئة شباب المدارس.
فن المناظرات
وقال سالم الشمّاخي من اللجنة المنظمة «يشرفني أن أقف بينكم فخورًا متحدثا إليكم سعيدا في مشهد الختام للبطولة الوطنية الثانية للمناظرات، بعد معايشتنا لأجوائها حماسا وتشويقًا. لعلي لا أبالغ عندما أقول بأن فن المناظرات له انعكاساته الإيجابية، على الشباب بشكل خاص وعلى المجتمع العماني بشكل عام، فهو خير بيئة مثالية لصقل وتنمية المهارات الشخصية، وإضافة المعارف المتنوعة، واكتساب الخبرات، وتحسين التنظيم، وبناء الشخصية، فضلا عن أنه محفز للبحث العلمي ومشجع لعرض الأفكار والاتجاهات بأسلوب سلس منمق وبمنهجية واضحة تعتنق الحجة والمنطق والدليل والبرهان، ناهيك عن انه أسلوبُ حياة يدعو إلى احترام الآخر وتقبل الاختلاف معه دون الوصول لمرحلة الخلاف، مجسدًا القيم التي نادى بها ديننا الحنيف من خلال تشجيعه على الحوار مع الآخر مع ضمان التآلف والسلام والوئام. وانطلاقا من نهج السلطنة القويم المرتكز على الحوار والتعايش بسلام من أجل الوحدة والتماسك، والذي كسبت فيه محبة العالم وحظيت بتقدير كبير من الدول والشعوب المختلفة، لما لها من دور هام في حل الكثير من المعضلات بفضل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله وأبقاه وأمده بموفور الصحة والعافية والعمر المديد ـ، فقد امتدت ثقافة المناظرة وانتشرت في بلدنا الحبيب لتكون اللبنة الأساسية لبناء الشباب العماني حتى يكون مكملا لهذه النهج، ينهل من معينه ويسير على خطاه»
الآمال والطموحات
وأضاف الشماخي: «الآن في هذه اللحظة تستعيد الذاكرة مشهدًا مماثلا في ختام البطولة الوطنية الأولى في العام المنصرم، وقد كنت واقفا مثل هذه الوقفة أشارككم الآمال والطموحات التي كنا قد عقدنا العزم على تحقيقها، دون الركون إلى الراحة أو التهاون، الآن وقد مضى عام كامل على مشاركتنا لكم تلك الطموحات، أحب أن أشارككم الفرحة فقد أصبحت العديد من الأهداف واقعا نعيشه ونراه بأعيننا.
لم تأل اللجنة الوطنية للشباب مشكورة جهدا في سبيل دعم هذا الفن ونشره في المجتمع بكافة أطيافه، فقد حرصتْ أشدّ الحرص على التعاون بل ودعم وحث وتشجيع كافة الشباب لبذل الجهود الحثيثة في هذا المجال، فبلغ عدد أندية المناظرات اثني عشر ناديا على مستوى السلطنة، وبلغ عدد المؤسسات المشاركة في البطولة أكثر من 20 مؤسسة، بالإضافة إلى أحد عشر فريقا مدرسيًا يمثلون محافظات السلطنة، وما يزال العدد في تزايد، وعجلة الانتشار تدور حتى تعم السلطنة بكافة ولاياتها. إن ما نشهده من نجاح ملفت وانتشار واسع لفن المناظرات لهو نتيجة أن الشباب العماني قد استقى هذا الفكر القابوسي فأصبح منهج حياتهم وحافزا يقودهم نحو المساهمة في قيادة الوطن الحبيب دوما للأفضل».
وفي كلمة الشباب التي ألقتها المناظرة أميرة الجابري من كلية العلوم التطبيقية بعبري، قالت فيها: «إن فنون الحوار الفعّال تتأتى من الفهم العميق، واللسان البليغ، والثقافة البنّاءة، ومن فنون الجدال بالمجادلة بالتي هي أحسن. وتأتي المناظرات لتسوس دفة تلك الحوارات بطريقة منطقية تخلق جوًا هادفًا، وفق أسس جليّة متجسدة في فريقي الموالاة والمعارضة للتناظر حول قضية جدلية تمس الوطن والمواطن وتهمّ الطالب سواء في المرحلة المدرسية أو الجامعية. وتشكل هذه البطولة فرصة عظيمة للرقي بالفكر العام وإعادة النظر في بعض المعتقدات، وتحفيز ثقافة الجدل بالمنطق السليم والحجة الداحضة، مع الحفاظ على الأسلوب الراقي والتنافس الشريف».
أفضل متحدث
وتقول رشا بنت خليفة الرحبية من كلية الطب والعلوم الصحية، والحاصلة على لقب أفضل متحدث في البطولة الوطنية للمناظرات في نسختيها الأولى والثانية، عن فوزها: «حصولي على لقب أفضل متحدث للمرة الثانية على التوالي هو تشريف كبير وإنجاز أفخر به كثيرا، وفي نفس الوقت هو تكليف ومسؤولية، ففن المناظرة يحتاج أن ينتشر ليصل لأكبر فئة». وتتابع حديثها عن علاقتها بالمناظرات مشيرة إلى بداياتها في التناظر في 2014 بدخولها الجامعة، وانضمامها للفريق الممثل للجامعة في البطولة الدولية لمناظرات قطر لدورتين متتاليتين. وقد أتاحت لها هذه الفرصة ممارسة فن المناظرة مع مختلف الشباب من مختلف الجنسيات بطريقة احترافية. كما شاركت الرحبية في البطولة بنسختها الأولى ليفوز فريقها بالمركز الثاني. وقد أضافت لها المناظرة الكثير، من ثقة بالنفس، وتمكن من مهارات الإقناع والتعبير عن الرأي بأسلوب فني يصل إلى الطرف الآخر بسلاسة، بالإضافة إلى تنمية مهارات التفكير الناقد. وتضيف: «القضايا المطروحة اليوم في الساحة كثيرة جدًا، وبذلك على الشاب الذي يتعرض لها ألا يقبل بها دون أن يعمل فكره ويبحث عن المغالطات المنطقية ويفنّد ويسمع ويحلل ثم يعبّر عن رأيه بما يؤمن به». أما رسالتها للمتناظرين، فهي أن يستمتعوا بتجربة المناظرة، ويتقبلوا الرأي الآخر، ويعبروا عن أفكارهم بأسلوبٍ راقٍ وعصريّ يلامس مستوى الثقافة العالي لديهم. فالمناظرة ليست مجرد مسابقة ومسألة فوز وخسارة، بل هي أسلوب حياة نتبناها لتستمر دائمًا بتطبيقها في مختلف نواحي الحياة. ويجدر بالمتناظرين في هذه البطولة أن يكونوا سفراء هذا الفنّ.
أما إيمان بنت هلال السكيتية من مدرسة الغالية بنت ناصر للتعليم الأساسي بمحافظة الظاهرة، فتحدثنا عن تجربة فريقها الفائز بالبطولة عن فئة طلبة المدارس، ونيلها جائزة أفضل متحدث، وتقول: «تجربة المناظرات حقيقةً كانت تجربة ممتعة ومثرية استفاد منها جميع الطلبة المشاركين، فهي بمثابة ملتقى كبير لمثقفين ومناظرين واعين من طلبة السلطنة من شمالها إلى جنوبها، استطعنا من خلالها تبادل الأفكار والثقافات المختلفة، والتحلي كذلك بروح التحدّي والمنافسة. شعور جد جميل أجده بحصولي اليوم على جائزة أفضل متحدث لفئة طلبة المدارس. أتمنى بعد هذه التجربة أن أمثل السلطنة خير تمثيل في المناظرات القادمة، فالمناظرة هي فعلا ريادة وقيادة».
وكانت البطولة التي نفذتها اللجنة بالتعاون مع فريق مناظرات عمان وجامعة الشرقية، وبمشاركة وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، قد انطلقت يوم الثلاثاء بمشاركة 33 من شباب مدارس المحافظات، و84 شابًا وشابة من طلبة الجامعات والكليات، حيث ابتدأ اليوم الأول بـ14 مناظرة حملت ما يمثل عددها من قضايا، ليتأهل منها للنهائيات فريق محافظة الظاهرة وفريق محافظة شمال الباطنة، واستمرت في اليوم الثاني مع 31 مناظرة تأهل منها للنهائيات فريق كليّة العلوم التطبيقية بصحار وفريق كلية العلوم التطبيقية بعبري. واختتمت البطولة يوم أمس بالمباراتين النهائيّتين، مع قضيّة «سيتم منع الطلاب من تغيير اختياراتهم للمواد الدراسية مع بداية العام الدراسي للصف الحادي عشر» لفئة شباب المدارس، وقضيّة «يعتقد هذا المجلس أن قنوات الإعلام الرسمية لا تمثّل الشارع» لفئة شباب الجامعات والكليات، والتي نال الفريقان الفائزان بها لقب البطولة عن الفئتين المشاركتين.