عرض: سيف بن سالم الفضيلي -
برع العمانيون في مختلف فنون العلم وتخصصاته -بفضل الله تعالى- فلم يكونوا بمنأى عن كل فن من فنونه فبرزت مواهبهم فيها واستطاعوا تطويع هذه الفنون في خدمة الإنسانية فكان منهم الإبداع والإنتاج الغزير.
من بين تلك الفنون التي برعوا فيها (الطب الشعبي) الذي مارسوه عمليا وتعاملوا مع الأعشاب المختلفة التي تزخر بها عمان المباركة وعرفوا أسرارها وما تحتويه من فوائد عظيمة لعلاج كثير من الأمراض التي ابتلى الله تعالى بها بعض عباده، فكان لهؤلاء الرجال يقين حقيقي أنه (لا يوجد داء إلا وجعل الله له دواء) وهو يقين ينم عن إيمان وثقة بالله تعالى انه هو الشافي والمعافي وانه على كل شيء قدير..
مما اخترناه لك قارئنا الكريم من خلال ملحق (روضة الصائم) هذا العام وبالتعاون مع دائرة المخطوطات بوزارة التراث والثقافة عرض مجموعة من الفصول من مخطوط (منهاج المتعلمين) لمؤلفه الطبيب الشيخ راشد بن عميرة بن هاشم العيني الرستاقي العماني.
وهذا المخطوط تم نسخه (كما جاء في المخطوط) على يد الفقير لله عبده شوين بن محمد بن هلال الرمحي العيني الرستاقي في نسخة لنفسه والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ولا حول إلا بالله العلي العظيم..
لنتعرف سويا على ما ساهم به الأجداد في مضمار الطب الذي يعتبر من أهم المضامير التي يحتاجها الإنسان لحمايته من الآفات التي تعترضه وتؤثر على حياته وسبيل إنتاجه وعطائه.
حلقة اليوم عن (فصل في أمراض الطبقة الملتحمة) ومنها (الرمد) وهو ورم حار يحدث في الملتحم وهو إما صرفاويا وورمه أقل أو بلغميا ودمويا وورمه في الجفن أكثر.
وعلاجه في أول ابتدائه بأن تطلى العين والأجفان بماء الصبر وماء البيض أو بخرق الكتان مبلولة بماء ورد وكافور أو بياض البيض ولبن بنت وماء الصمغ العربي.
وان كان ورم في الأجفان فيفصد أو يحجم فإذا مضى له ثلاثة أيام وبدت اللزوجة فتذر فيها حبة العين ويجتنب فيها الدخان والشمس والرياح والضوء وكل ما يملأ العروق كاللحم والسمك.
وأجود ما استعمل في ماننا للرمد؛ ان يؤخذ قحف فخار من خزف هرموز أبيض مدقوق جيدا ويوضع في إناء ويقطر فوقه ماء الحرمل المدقوق ومعه قليل من علاج السدر واللومي والكتل ويداف براحة اليد جيدا حتى يجف ثم يعصر عليه ثانية ويداف هكذا أربع مرات أو خمس مرات.
ويصل بخرقة ويوضع معه قليل عسل أو سكر ويقطر منه في العين صباحا ورواحا فإنه مجرب.
وهذا من الأدوية التي لم نجد لها أثرا في كتب الطب.
ومنها (الانتفاخ في الملتحم) وسببه بلغم رقيق أو غليظ أو سوداء أو ريح.
وعلامته بياض اللون او كمودته ولا يؤلم وإذا غمز بالأصبع بقي أثره إلا أن يكونا سوداويين.
وعلاجه ان يستفرغ بثريد وإيارج فيقرا ويعالج بشياف أبيض بغير أفيون وذرور أبيض.
ويغسل بماء طبخ فيه بابونج ومرزنجوش وإكليل الملك ويدخل الحمام.
وإذا أخذ مرارة العجل تعجن بزعفران وشيء من العنزروت وبياض البيض ويقطر في العين الوارمة الملتحمة الكثيرة الرطوبة، تبرأ بإذن الله.
أو يؤخذ لبان شحري أبيض يدق بلبن النساء ويطلى عليها ويجعل في قطنة ويطلى عليها مرارا.
فإن خرجت كثيرا يوضع عليها كافور بكرة وعشية بعد ان تبل بالماء وتجعل في قطنة.
وان أضيف إليه زعفران كان أبلغ.
والإسهال أو الحقن من أنفع الأشياء لجميع أوجاع الرأس.
وأما (السبل) فإن سببه دم غليظ تمتلئ منه عروق الملتحم.
وعلامته ان ترى العين كأن عليها غشاء وتقع دمعة وحمرة وإذا رأى ضوء الشمس أصابه عطاس.
وعلاجه؛ يستفرغ بفصد القيفال ويستعمل شياف أحمر وذرور أصفر صغير.
أو بعد الاستفراغ ان كان حاميا بكحل بشياف أسود.
فإن سكن حماؤه فشياف ثم بما ذكرت ويصلح أغذيته ويتجنب الامتلاء من الطعام والشراب والأغذية المولدة للسوداء ويتوقى الدخان والغبار والصياح وكل ما يملأ العروق والعينين.
فإن لم ينجب وإلا فليقط بالحديد وهذه صفة القط بعد استفراغ البدن تنوم العليل وتأمر من يفتح عينيه برفق بحيث لا ينقلب الجفن برأس الإبهامين ثم تعلق السبل بصنارة من ناحية الماق الأكبر وتثنيها بأخرى في الوسط من الملتحم واحذر ان تقرب سواد العين.
وتردف بصنارة أخرى مما يلي الجفن الأعلى مما يلي الماق الأصغر قليلا.
وتشال الصنانير برفق باليد اليسرى وتخرق غشاء السبل من ناحية اللحاظ بريشة أو المقراض وتدخل تحته مهت وتسلخ به لينشال السبل ثم يقط بالمقراض من حد السواد من العين التي تحت الجفن الى ان تبلغ الماق الأكبر ثم تعلق الصنانير مما يلي الجفن الأسفل.
وتفعل فعلك وتحذر سواد العين. وتقص جميعه من تحت الجفن الى السواد من دور العين حتى لا تبقى منه بقية ولو عرق فلا تغفل عن إخراجه. وعلامة العرق من السبل انه إذا أخذت المهت فأدرته على الملتحم علق به فإن لم يعلق فقد بقي من السبل فيقطر فيها ماء الكمون والملح الممضوغين من وراء خرقة وتوضع قطنة فيها صفرة بيض مضروبة مع دهن ورد وتحل من الغد وتغسل بماء قد أعلي فيه ورد يابس وتبل الميل بدهن ورد يدار تحت الأجفان لئلا يكون التصاق.
فإن كان كذلك فتشقه بالمهت وتقطر في العين ماء الكمون وما الملح كل يوم ثلاثة أيام وتضع على أغلى من الأجفان وأسفل قطنة فيها كركم مساك بماء البيض كل يوم.
فإذا مضى ثلاثة أيام يداوى بحبة العين حتى يبرأ الجرح وتعمل عندها بعد الثلاث شبه حريرية مدقوقة منخولة 3 أيام أو 4 أيام ثم بحبة العين وحدها حتى تبرأ.
فإن احمرت كثيرا فيحجم فإذا برئ فالبذور الأصفر.
ومن أمراض الطبقة الملتحمة التي ذكرها المؤلف ووصفها وعالجها (الظفرة) و(الدمعة) و(التوثة في الملتحم) و(حمرة العين والطرفة).