كانت الكويتية مريم العيسى، التي تخرجت عام 2014 بشهادة ماجستير في إدارة الأعمال، مقتنعة بوجود حلول لم تستخدم بعد لمشكلة نفايات الطعام، لذا بدأت بدراسة الطرق التي تتبعها دول أخرى لحل المشكلة كما في السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. لكنها وجدت أن الكويت قد طوّرت أنظمة كبيرة ذات تمويل ضخم، في حين أنها أرادت التوصل إلى حل بأقل تكلفة ممكنة، وكانت مريم قد صدمت من معرفة أن بلدها الكويت، ذات الأربعة ملايين نسمة، يهدر سنويا نحو مليون طن من الطعام. تدوير للطعام بدل هدره وبحسب ما جاء عنها في تقرير «قناة بي بي سي العربية» فإنه يتجه كل أسبوع أفراد من أكثر من ألف عائلة إلى مستودع في حي الأندلس خارج العاصمة الكويت، للحصول على رزم طعام تكفيهم طوال الأسبوع، وقبل سنوات قليلة فقط كان محتوى هذه الحزم، التي تضم أساسيات الطبخ ومواد غير غذائية مثل مواد التنظيف، يرمى في مكبات النفاية أو يحرق، ولكن مريم وأصدقاءها نجحوا منذ عام 2015 بتحويل هذا الطعام - المعد للهدر - إلى رزم للعائلات الأقل دخلا. لم تكن الفكرة التي توصلت لها مريم بدعم من أصدقائها غريبة عما اعتادت رؤيته في بيتها، وتحديدا عندما كانت أمها ترتب كل شهر رزم طعام تضع في كل منها مواد أساسية كالرز وزيت الطعام وتوصلها إلى العائلات المحتاجة. وأصبحت مبادرة ري- فوود (أي إعادة تدوير الطعام) وسيلة لإدارة الطعام البارد الفائض ولتخفيف العبء عن العائلات ذات الدخل المحدود والتي تواجه أحيانا ظروفا صعبة جدا لعدم وجود دخل منتظم لها. وقد اتفقت المجموعة مع عدد من المزودين الذين وعدوا بإرسال طعام من المخطط رميه، ويشمل النظام الذي اتبعه الفريق التحقق من أن الطعام غير منتهي الصلاحية، وأنه صالح للاستهلاك قبل توزيعه للعائلات المحتاجة. ونظرا لأن أمراض القلب والسكري تعد من المسببات الرئيسية للوفاة في الكويت، كان تزويد العائلات بطعام صحي هدف آخر من أهداف المبادرة. وقال الفريق: إنه رفض عرضا تقدم به واحد من أكبر محلات وجبات الطعام السريعة في الكويت، تقول مريم: «كثير من المستفيدين من هذه الخدمة لا يملكون رفاهية اختيار طعام صحي، فهم يعملون لساعات طويلة جدا ولديهم أطفال يعيلونهم. أحيانا من الصعب اختيار الطعام الصحي لذا نحرص على تزويدهم به». مساعدة المجتمع لم يكن من السهل إقناع الناس بالتطوع في المشروع، لذا كان على مريم بذل جهد أكبر لدفع أصدقائها وأفراد عائلتها للتطوع في مشروعها، ولكن مع انتظام وصول الموارد، وبالتالي ازدياد أعداد المستفيدين من المبادرة، ازداد عدد المتحمسين للفكرة وبدأ عدد أكبر بالتطوع للمساعدة. وكان من ضمن المتطوعين أمهات أحضرن أبناءهن للمساعدة أيضا. وتقول مريم إن تغيير مفهوم التطوع لا يزال واحدا من التحديات التي تواجهها حتى اليوم: «السائد في الكويت هو أنك إن كنت متطوعا فهذا يشير إلى أن حياتك الشخصية غير ممتعة، أو أنك لا تعمل على نحو كاف. لكن مفهوم التطوع غير ذلك. التطوع هو تكريس وقت من برنامجك والذي كان من الممكن لك أن تستخدمه للقيام بأمور أخرى مهمة لك، لكن بدلا عن ذلك قررت خدمة المجتمع». وقد وصل عدد المتطوعين إلى نحو 350 يعملون على تحضير رزم تصل إلى 1200 عائلة معظمها من أسر المغتربين العاملين في الكويت، وكذلك البدون (أي المحرومين من الجنسية الكويتية)، وتهدف المبادرة إلى زيادة عدد المستفيدين مع توسيع نشاطهم. إيجاد حلول وقد وصل تأثير «ري- فوود» حدا لم تتصوره مريم عندما بدأت محاولة إيجاد طرق للحد من الطعام المهدور الذي تنتجه الكويت، وقالت: إن كثيرا من العائلات المستفيدة أخبرتها أنهم تمكنوا من ادخار المال - الذي لم يعد ينفق على الطعام - من أجل تعليم الأطفال. تأمل مريم أن يحفز مشروعها الآخرين لأن يعملوا على إيجاد حلول للمشاكل التي يلاحظونها حولهم، «لا يمكن الاعتماد على الحكومة لإيجاد الحلول، نستطيع دائما التوصل إلى حلول خلّاقة، كما أننا لسنا بحاجة إلى تقليد ما هو موجود، بل علينا التوصل إلى شيء مناسب لنا ولمجتمعنا».