د. ناصر بن علي الندابي -
حينما يحمل القلم عالم من العلماء فإن الأمر سيختلف تماما، عن ناسخ لا يشغله من عمله سوى ذلك المنسوخ والقيمة التي سيحصل عليها من جراء نسخه، فالعالم الموسوعي تجد أن معارفه في بعض الأحيان تتعدى تخصصه، ويطفق على مخيلته وهو يدون فنّه بعض المعلومات القريبة من مادة كتابه، فيبقى حيران البال ومتردد أيكتب ما اعترضه من معلومات بعيدة عن فنّه الذي يدونه أم يطرده بعيدا ليواصل ما هو بصدده.
هؤلاء ينقسموا إلى قسمين قسم يطرد كل ما يراه بعيدا عن موضوعه، فتجده لا ينظر يمنة ولا يسرة وإنما جل اهتمامه أن يصب كل معارفه المتعلقة بما يكتب في تلك الأسطر التي يدونها، وأما الآخر فيغلب عليه الخروج عن موضوعه لموضوع غير متعلق بما يكتب مباشرة ولكن هناك كلمة فتحت له هذا الباب فجعلته يفكر فيه بعمق.
ومن هنا ظهر مفهوم الاستطراد، فالاستطراد هو ذكر الشيء في غير موضعه، أي خروج المؤلف عن الكتاب الرئيسي إلى موضوعات جانبية ووردت إليها الإشارة عرضا في ثنايا الكتاب، وقد تطول هذه الاستطرادات فتستغرق صفحات وقد تقصر على سطر أو فقرة صغيرة.
ومن الأمثلة على ذلك في عالم المخطوطات العمانية، ما فعله الشيخ عبدالله بن مبارك الربخي ( ق: 11هـ) في شرح داليته في الصلاة، فحين عرض عليه اسم الأسد في بعض أبياته، استطرد في الشرح فعدد أسماء الأسد وألقابه في خمسة فصول، فقد أوصلها إلى 647 اسما وكنية ولقبا، والمخطوط في حوزة مكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي رقم ( 1293).
ومثله صنيع الشيخ ناصر بن جاعد بن خميس الخروصي ( ت: 1262هـ) في كتابه لطائف المنن عند شرحه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل :«أكلُ كُلَّ ذي ناب من السباع حرام».
فخرج عن منهجه الذي سار عليه في سائر الكتاب من التعليق المقتضب على كل حديث، وتناول هذا الحديث متعرضا لاختلاف العلماء في صحته والروايات التي جاء به، ثم عرج إلى الحديث عن تأويله وتفسيره وما يترتب عليه من أحكام، ثم سرد بعدها الحيوانات ذات الناب مرتبة على حروف المعجم، وقسمها بعد ذلك على فصائلها التي تنتمي إليها، وأفرد لكل نوع منها حديثا عن أحكامه، فاستغرق كل هذا قرابة 6 صفحات من القطع الكبير والخط الصغير، والمخطوط في خزانة الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي ( رقم 15).