الانطلاقة من «رفٍّ» في المنزل أثثته بالخشب وفرشته بالسجاد -
حاوره : سامي بن خلفان البحري -
يقول الكاتب الروسي «فارلام شالاموف»: (الكتب هي الأملاك الأفضل في الحياة، إنها خلودنا، وإني في ندم عظيم إذا لم أمتلك مكتبة لي). ويقول الكاتب الأرجنتيني الشهير «البرتو مانجويل» في كتابه الشهير «تأريخ القراءة»: (إن المكتبات تجسد ذاكرات الأفراد والثقافات). وفي كتابه «المكتبة في الليل» قال: (حب المكتبات ككافة صنوف الحب، يجب أن يكتسب). تلك الجُمل التي بدأ الطبيب خالد بن سالم الذهلي من ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة حديثه بها. واستطرد قائلا: وهذا القول الأخير لمانجويل يدرك صوابه كل من اشتغل بالكتب قراءة وتجميعا بحيث تصبح الكتب عالمه الأول والأخير ولا ينافسه في حبها وشغفها شيء، فطالما تمنيت وأنا صغير أن أمتلك مكتبة وأن أجلس طول النهار حبيس مكان أو قاعة تملؤها الكتب فقط، ولكن ذلك كان حلما صعب المنال ومليئا بالتحديات التي وضعت نصب عيني أن أُذللها.
طبيب شغوف بالمكتبات
«روضة الصائم» يلتقي بالطبيب خالد الذهلي الذي يعمل في دائرة مراقبة ومكافحة الأمراض المعدية في قسم الترصد الوبائي ومراقبة الأمراض المعدية بالمديرية العامة للصحة بجنوب الباطنة لسبر أغوار الذاكرة حيث تكمن بدايات الشغف اللامنتهي بالكتب والمكتبات. حيث يقول خالد: يعتصر قلبي ألماً في لحظات الماضي وأنا أعيش في مرحلة شح الكتب التي كنت أعاني منها وعدم توفرها في المكان الذي نشأنا فيه. وإذ أعود بالذاكرة إلى الوراء ومع بداياتي الأولى في تكوين مكتبة خاصة بي فإني أجد نفسي شغوفا منذ سن مبكرة بالكتب والقراءة وهو ما دعاني إلى قبول التحدي.
في تلك الفترة من عمري وحيث لا تتوفر لدي سوى كتب المدرسة فقط كنت أستمع لبرامج الإذاعة بشكل مكثف وكانت برامج المعلومات العامة والمسابقات الثقافية التي تطرح للمستمع تستهويني ولا تفوتني خصوصا برامج المسابقات أيام الخميس والجمعة وكنت أكتب كل الأسئلة التي تطرح في هذه البرامج وأدونها في دفاتر ما زلت أحتفظ ببعضها إلى اليوم؛ فتكونت لدي حصيلة هائلة من الأسئلة المتنوعة تربو على الآلاف وكنت أستخدمها في عمل مسابقات ثقافية كنا نقيمها سنويا في شهر رمضان المبارك في قريتنا الوادعة بأهلها الطيبين (العراقي).
وحيث إنه لا يوجد كتب ولا مكتبات في القرية كنت أستغل الفرص القليلة للغاية التي أذهب فيها إلى مركز الولاية حيث توجد بعض المكتبات التجارية كمكتبة نخل مثلا.
أوائل الكتب
أذكر أن أول كتاب اشتراه لي «والدي» كان كتاب (أطلس سلطنة عمان والعالم) حيث كنت أحب الجغرافيا والتاريخ وكانت فرحتي كبيرة بهذا الكتاب الرائع الذي من خلاله تعرفت على دول العالم المختلفة والقارات والمحيطات وعواصم أغلب الدول العالمية؛ فكان شبيها بخارطة طريق لبداياتي المتواضعة.
ومن أوائل الكتب التي اقتنيتها أيضا هي كتب الإعلامي الأردني القدير شريف العلمي- رحمه الله- ومجموعته المعروفة «موسوعة سين جيم» والتي تجاوزت العشرين جزءا حسب ما أذكره، ورغم أنني لم أحصل عليها كاملة إلا أنني أغرق في قراءتها مرات ومرات. وما يميز هذه الكتب هو التنوع الرائع في عرض المعلومة وبأساليب مختلفة وليست بطريقة واحدة تقليدية كما هي عادة كتب السين جيم إضافة لتزويد هذه الكتب بالصور المنوعة. و«العلمي» - رحمه الله - كان مثقفا موسوعيا ولديه مكتبة كبيرة جدا قد أوصى أن يتبرع بتلك المكتبة لإحدى الجامعات الأردنية بعد وفاته، وهو ما يؤكد لنا قيمة المكتبات الخاصة ودورها في المجتمع بشكل عام.
وفي رأيي المتواضع أن كتب المعلومات العامة هي كتب جيدة للغاية؛ تحبب الأطفال والناشئة في القراءة فهي كتب منوعة تغطي مجالات معرفية واسعة تشجع على البحث والاطلاع وتعزز حب القراءة والاطلاع، وشخصيا كان لهذه الكتب دور كبير في حبي للقراءة والاطلاع.
البداية بٍرَفٍّ خشبي
وأذكر أنني في فترة الدراسة الإعدادية قمت بتخصيص رَفٍّ من رُفوفِ المنزل للكتب التي بحوزتي والتي سأقتنيها مستقبلا وأثثته بالخشب وفرشته بالسجاد، ومن هنا بدأت أول محاولاتي في إنشاء المكتبة الخاصة بي. بعدها كنت بمعيّة أحد الأصدقاء في القرية ممن يشاركني حب القراءة واقتناء الكتب نوفر بعض المبالغ التي تعطى لنا كي نشتري بها مجموعة من الكتب وبالفعل نجحنا في شراء مجموعة من الكتب وكانت فرحتنا كبيرة بهذه المجموعة من العناوين المتنوعة ككتاب قصص الأنبياء لابن كثير، وكتاب كوارث القرن العشرين وكتاب فضائح القرن العشرين وكتاب موسوعة سين جيم للمؤلف محمد عبدالرحيم وكتاب دراسات إسلامية في أصول الإباضية لبكير بن سعيد أعوشت، كما أهداني بعض معلمي اللغة الإنجليزية الكثير من القصص الإنجليزية وثلاث روايات إنجليزية؛ وبذلك تكونت لدي مجموعة من الكتب التي كنت أقرأها بشكل يومي مع كتب المناهج الدراسية مما ساهم في تحسن مستواي في اللغة الإنجليزية. وكانت رواية « the moonstone» للشاعر والروائي الإنجليزي الشهير «ويلكي كولينز» أول رواية بوليسية إنجليزية أقرأها وما زالت تلك الرواية بأوراقها الصفراء القديمة موجودة في مكتبتي إلى اليوم ولها مكانة في قلبي.
وهكذا بدأت المكتبة تكبر شيئا فشيئا حيث قمنا أنا وصديقي باقتناء بعض الكتب الأدبية ذائعة الصيت ككتاب المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي والذي كنت أقرأه بشكل يومي وكتاب البيان والتبيين للجاحظ والأمالي لأبي علي القالي، وتعتبر من أمهات الكتب الأدبية، كذلك اشتريت كتاب إسلام بلا مذاهب للدكتور مصفى الشكعة. ورغم صغر سننا كنا ندرك أهمية هذه الكتب والاستفادة الكبيرة التي ستحصل عند اقتنائنا لها.
في رحاب كلية الطب
وبعد الانتهاء من الدراسة في المرحلة الثانوية والتحاقي بكلية الطب في جامعة السلطان قابوس بدأت مرحلة جديدة من حياتي عنوانها الانشغال المستمر بدراسة هذا التخصص الذي يحتاج إلى كل الوقت المتاح، ورغم ذلك لم تنقطع صلتي بالكتب ولا بالمكتبات بل كانت فرصة جيدة حيث إن وجودي في العاصمة مسقط أتاح لي التعرف على بعض المكتبات التجارية المتوفرة هناك، وكنت أتردد على مكتبة الجامعة العامة واستعارة بعض الكتب، كذلك حضوري الدائم في معرض مسقط الدولي للكتاب والذي يقام سنويا فقد كنت أشتري كتبا منه في كل سنة وهو ما ساهم في إثراء مكتبتي الخاصة.
وفي السنوات الأخيرة زاد اهتمامي بالكتب بشكل كبير وازدادت عدد الساعات التي أقضيها في القراءة وأصبحت جزءا من حياتي حينها أدركت أهمية تكوين مكتبة في المنزل تكون أوسع وأشمل لتواكب طموحي وشغفي بالكتب والمعرفة والاطلاع. فخصصت غرفة في منزلي لتكون مكتبة خاصة وشاملة تضم مختلف العناوين ومزودة بوسائل الراحة التي تدفعني للمكوث بين أحضانها أطول فترة ممكنة وبشكل يومي.
ولله الحمد أصبحت لدي مكتبة جيدة من حيث وفرة الكتب وتنوعها ولا يطغى عليها جانب على آخر أو لون أو قالب معرفي واحد بل كانت متنوعة وشاملة حرصت في كل المجالات والاتجاهات ومختلف التيارات الفكرية وكل هذا بسبب رغبتي في الانفتاح على جميع الأفكار وتعزيز القيم الدينية والثقافة الإسلامية والهوية العمانية الأصيلة والمواطنة الصالحة.
مئات العناوين
إذا تحدثنا عن المكتبة بوضعها الحالي فهي تحوي مئات العناوين وتجاوز عدد الكتب بها 1300 كتاب وما زلت أعتبرها مكتبة متواضعة ولكنها تؤدي الغرض الحالي لي وللعائلة مع الاستمرار في التوسع مستقبلا إن شاء الله.
كما يوجد بها العديد من الكتب العربية وبعض الكتب باللغة الإنجليزية خصوصا الكتب العلمية وكتب التخصص الطبية وأيضا بعض الروايات والقصص الإنجليزية كأعمال شكسبير مثلا. أما الكتب الدينية فتحتل كتب التفسير المتنوعة مكانة بارزة لدي فالمكتبة تحتوي على كتب ومدارس مختلفة في التفسير منها التفسير الكبير أو تفسير مفاتيح الغيب للإمام الفخر الرازي الذي يقع في 32 جزءا، كذلك تفسير في ظلال القرآن لسيد قطب وتفسير قطب الأئمة للشيخ الحاج محمد بن يوسف اطفيش ويسمى بتيسير التفسير، وتفسير المنار وتفسير الكشاف وتفسير ابن كثير وتفسير الإمام القرطبي والأساس في التفسير لسعيد حوى وتفسير أضواء البيان للشنقيطي وصفوة التفاسير للصابوني وأيسر التفاسير للجزائري والتفسير الموضوعي للقرآن الكريم للإمام الغزالي والتفسير والمفسرون للدكتور الذهبي وغيرها الكثير. ولديّ بعض كتب ابن تيمية ككتابه المعروف درء تعارض العقل والنقل وعدد من الفتاوى. وبعض الكتب في التصوف الإسلامي منها كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي وكتب ابن رشد ككتاب بداية المجتهد وفصل المقال وتهافت التهافت والكشف عن مناهج الأدلة، وبعض كتب الإمام أبي حامد الغزالي ككتابه المعروف إحياء علوم الدين والمنقذ من الضلال والتهافت.
إضافة لكتب الحديث المختلفة كصحيح البخاري وصحيح مسلم ومسند الإمام أحمد بن حنبل والجامع الصحيح للإمام الربيع، لا سيما كتب شرح كتب الحديث وأهمها كتاب فتح الباري وشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني.
وتوجد في مكتبتي بعض الكتب المعروفة لعلماء المذهب الإباضي ككتاب منهج الطالبين وبلاغ الراغبين لخميس بن سعيد الشقصي الرستاقي وهو موسوعة فقهية كبيرة يقع في 10 أجزاء كبيرة في طبعته الأخيرة وجوابات الإمام السالمي وكتب الشيخ العلامة سماحة المفتي المختلفة وأهمهما كتابه الموسوعي في العقيدة «برهان الحق» الذي لا يزال لم يكتمل بعد.
كذلك بعض الكتب التراثية المعروفة ككتاب الجامع لابن بركة والإيضاح للشيخ الشماخي ومشارق أنوار العقول للسالمي وجوهر النظام.
أما كتب اللغة والآداب فهي كثيرة حيث توجد معاجم اللغة المختلفة كلسان العرب والقاموس المحيط للفيروز أبادي والمعجم الوسيط والوجيز والمورد العربي إضافة لمعاجم اللغة الإنجليزية كمعجم المورد المشهور بمختلف أنواعه الوجيز والمصور والقاموس المزدوج وأيضا معاجم أكسفورد اللغوية ومعجم المغني الكبير لحسن سعيد كرمي والمعجم الطبي المعروف «تيبرز» وغيرها. ومن الكتب الأدبية المعروفة البيان والتبيين للجاحظ والحيوان والبخلاء والكامل في اللغة والأدب للمبرد والشعر والشعراء وأدب الكاتب لابن قتيبة والأغاني لأبي الفرج الأصفهاني في 23 مجلدا ومجموعة من كتب النحو والبلاغة والصرف ككتاب النحو الوافي وجامع الدروس العربية وإعراب القرآن الكريم وبيانه. لا سيما بعض الدواوين الشعرية كديوان عنترة بن شداد وأبي نواس والمعري، والروايات المختلفة منها الأعمال الكاملة لنجيب محفوظ والروائي السوداني الطيب صالح وجبران خليل جبران، والروائي الروسي المعروف ديستويفسكي حيث أمتلك جميع أعماله في 18 مجلدا ترجمة د سامي الدروبي والروائي السعودي عبدالرحمن منيف. وعادة ما اقتني الروايات التي حازت على جوائز عالمية كأمثال رواية مائة عام من العزلة للروائي الكولومبي ماركيز وخريف البطريرك ورواية الحب في زمن الكوليرا ودون كيخوته لسيربانتس والرواية المعروفة البؤساء لفيكتور هوجو.
وكتب التأريخ فهي الأخرى لها شجون كالموسوعات منها تأريخ الأمم والملوك للطبري في 5 مجلدات وكتاب الكامل في التأريخ لابن الأثير ونسختين من كتاب البداية والنهاية لابن كثير وهو في 15 جزءا ومروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي والتأريخ الإسلامي للمؤرخ محمود شاكر في 22 جزءا وهو موسوعة رائعة تتحدث في التأريخ الإسلامي منذ عهد النبوة إلى العصر الحالي وتأريخ ابن خلدون المعروف بمقدمته في 4 مجلدات ضخمة والتاريخ الوجيز للمؤرخ محمد سهيل طقوش وبحث في التأريخ للمؤرخ الشهير ارنولد توينبي وكتاب معالم تأريخ الإنسانية للمؤرخ ولز وكتب المؤرخ طلال أسد وكتابه مصطلح التأريخ. كما اقتنيت بعض كتب التراجم والسير منها سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي وهو كتاب موسوعي ضخم يوجد في 30 مجلدا وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير ووفيات الأعيان لابن خلكان وحياة الصحابة وقصة الحضارة للكاتب ويل ديورانت وهو كتاب موسوعي ضخم في 48 جزءا يتحدث عن تأريخ الحضارات وكتاب المؤرخ الدكتور جواد علي المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام ويقع في 11 مجلدا وهو كتاب مرجعي مهم. إضافة لموسوعة دائرة المعارف الإسلامية وهي من تأليف مجموعة من المستشرقين وتوجد في حوالي 33 مجلدا.
كتب الفكر والفلسفة أيضا من اهتماماتي المفضلة في الآونة الأخيرة مثل كتب الفلسفة والفكر ولذلك قمت باقتناء العديد منها كموسوعة الفلسفة لعبدالرحمن بدوي وكتاب تأريخ الفلسفة لإيميل برهية وهو موسوعة شاملة ومؤلفات الفيلسوف محمد عبدالرحمن مرحبا وأهممها كتابه الشامل من الفلسفة اليونانية إلى الفلسفة الإسلامية ويوسف كرم في الفلسفة ومدخل إلى الفلسفة لوليم جيمس ايرل. وعدد من كتب الفلسفة الإسلامية ككتاب في الفلسفة الإسلامية لإبراهيم مدكور وكتب السيد محمد باقر الصدر من أمثال الأسس المنطقية للاستقراء وكتب المرجع الشيعي السيد كمال الحيدري وبعض كتب العلامة الطبطبائي والبروفيسور علي سامي النشار وأهمها كتابي نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ومناهج البحث عند مفكري الإسلام وغيرها الكثير.
وهناك العشرات من الكتب في السياسة والاقتصاد والاجتماع ومختلف أنواع العلوم كعلوم الفضاء والكون وعلوم الطب التي لا يسعنا المجال للحديث عنها بالتفصيل.
أقرأ للعلماء والمفكرين
يقول خالد الذهلي: أقرأ لأهم العلماء والمفكرين باستمرار والذين تأثرت بهم فهم عديدون يأتي في مقدمتهم المفكر المصري الدكتور عبدالوهاب المسيري والذي أحاول جاهدا في اقتناء وقراءة أغلب الكتب التي ألفها وهو المفكر الذي اهتم بدراسة الصهيونية والعلمانية وكان له اهتمام آخر بدراسة التحيز. وتحتوي مكتبتي على أعمال كثيرة لهذا الكاتب أهمهما موسوعته المعروفة» اليهود واليهودية والصهيونية» وكتاب تأريخ الفكر الصهيوني وسيرة حياته الفكرية ورحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر وموسوعة العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة والكثير من مؤلفاته الرائعة التي لا غنى عنها لهذا الجيل كي يفهم أساسيات الصراع مع الصهاينة وتاريخ هذه الحركة وأيضا فهم عميق للحداثة وما بعد الحداثة.
ومن الذين اقرأ لهم وتأثرت بأفكارهم الفيلسوف المجدد طه عبدالرحمن ويتمحور فكره حول تجديد الدين وتخليق الحداثة ولأن طه عبدالرحمن مفكر ملتزم بمرجعية الإسلام ومشروعه العقدي كان له تأثير بالغ عليّ وشكل لدي الأمل في مشروع فلسفي مبني على قاعدة صلبة ومتينة يستطيع المسلم أن ينطلق منه من جديد. ولهذا الفيلسوف العديد من الإسهامات والمؤلفات التي تواجد في مكتبتي منها روح الدين وسؤال الأخلاق وروح الحداثة وسؤال العنف وثلاثية دين الحياء وفقه الفلسفة وغيرها.
ومن المفكرين الآخرين الذين أقرأ لهم المهندس الجزائري المفكر مالك بن نبي - رحمه الله - وتوجد في مكتبتي جميع أعماله وأهمها شروط النهضة والظاهرة القرآنية ومشكلة الثقافة وميلاد مجتمع وأغلب كتاباته وإسهاماته تدور حول الحضارة ومشكلاتها. ولا أنسى المفكر الزعيم علي عزت بيجوفيتش وهو رئيس البوسنة السابق والمجاهد الذي له مؤلفات رائعة أهمها كتابه الإسلام بين الشرق والغرب وقد استطاع المؤلف ببراعة أن يظهر تهافت المادية والإلحاد وأن يفكك هاتين الظاهرتين من خلال الفهم العميق للإسلام. وأقرأ للمفكر الإيراني وعالم الاجتماع علي شريعتي الذي كان لفكره دور بارز في تنوير الشباب الإيراني وله إسهامات عديدة وكتب رائعة تواجد اغلبها لدي من أمثال العودة إلى الذات وبناء الذات الثورية ومسؤولية المثقف والتشيع العلوي والتشيع الصفوي. كما أقرأ للعلامة الإمام محمد الغزالي ومؤلفات المفكر المغربي الدكتور محمد عابد ومؤلفات جورج طرابيشي والرد عليها في سلسلة نقد العقل العربي، كذلك عالم الاجتماع العراقي د علي الوردي.
ختاما
وفي الختام رغم أن هذه المكتبة متواضعة في حجمها إلا أنها عظيمة في دورها ومن أهم إنجازاتي الشخصية في حياتي ولهذه الكتب معزة ومحبة لا أستطيع وصفها فقد كوّنتها بمجهود ذاتي وصرفت عليها من مالي الخاص واجتهدت فيها كثيرا وكان أثرها عليّ كبيرا ففيها أقضي الكثير من الوقت خصوصا بعد صلاة العشاء وكثيرا ما أسهر فيها للقراءة والمطالعة حتى وقت متأخر حتى أصبحت في الآونة الأخيرة لا أحب القيام بكثير من الأمور التي تستهوي الشباب كمتابعة الأفلام أو المباريات.
وما ألاحظه من تأثير المكتبة في البيت فهناك من أفراد العائلة من استفاد من وجود المكتبة في البيت حيث إن أخي الأصغر - ورغم أنه يعاني من إعاقة حركية - إلا أنه قارئ نهمٌ ورغم أنه لا يزال طالبا في المدرسة إلا أنه يقرأ باستمرار وقد قرأ الكثير من الكتب وهو شغوف جدا بكتب الفلسفة والفكر وهذا ما يفسر تفوقه في المدرسة لاسيما أن القراءة الحرة توسّع مدارك الفكر وتفتح أبواب التفكير والتأمل لدى القارئ كما تصبح كتب المنهج الدراسي بسيطة وسهلة لديه. أما أولادي مع أنهم صغار وأكبرهم حاليا في الصف الأول إلا أنني ألاحظ محبتهم لهذا المكان ورغبتهم في الجلوس فيه وإصرارهم على أن نقرأ لهم بعض القصص. وكلي أمل أن يستثمروا وجود هذه الكتب مستقبلا وبالتالي يصبحوا قُرّاء كبار مستقبلا وربما مؤلفين وكتّاب.
واختم بتطلعاتي المستقبلية فيما يخص مكتبتي فإنني عقدت العزم والحزم للتوسع في هذا المشروع واقتناء الكثير من الكتب وفي نفس الوقت الاستمرار في القراءة والمطالعة اليومية والأرشفة وتبويب المكتبة، وهناك أفكار تراودني في تحويلها إلى مكتبة عامة مستقبلا. ومن هذا المنبر أدعو الجميع صغارا وكبار إلى التسلح بالقراءة وأقول القراءة ثم القراءة.