إعــــــداد: مــــــروه حســن - رمضان شهر يجمع بين الروح والجسد معا، فهو يقوي الإيمان بالله عزَّ وجل ويعمق مقام المراقبة له تعالى في قلوب المؤمنين، كما أنه يحتاج إلى الجسد ليطبق ذلك عمليا، ولذا فالصيام في حد ذاته تربية عامة للجسد والروح، وليس هذا من ناحية معينة، بل من كل النواحي، يشمل ذلك الغني والفقير، الكبير والصغير حتى الصحيح والمريض، الكل في ميزان الصيام رابح وفائز، لا يخرج نوع من أنواع البشر ولا جنس من أجناسهم إلا وقد عمته الفائدة، وغشيته رحمة الله تعالى بالصائمين في رمضان، وإذا كان ذلك كذلك فلا ينبغي أن نهمل أبناءنا الصغار من هذه الهدايا، بل ينبغي أن نجعل لهم أكبر الحظ والنصيب، من تدريب على الصيام والمشاركة في العبادة والطاعة، وأخص الأخيرة بالذكر، فأطفالنا يحتاجون إلى التنشئة الرمضانية التي من دونها لا يستقيم رمضان في سلوكياتهم، وبغيرها لا يكون للصيام قيمة عظيمة أمام أعينهم، ومن أهم عناصر تقوية التنشئة الرمضانية لدى أطفالنا خاصة من هم فوق السابعة، كما يذكرها إمام جامع محمد الآمين محمود عدلي الشريف تعريفهم على بيوت الله تعالى، فمعظم الناس يحب أن ينوع المساجد التي يصلي فيها صلاة التراويح، قائلا: اليوم سأصلي في الجامع الفلاني، وغدا سأصلي في جامع كذا، بالطبع؛ لأنه يريد أن يكتسب أكبر نصيب من الحسنات، التي منها كثرة الخطى إلى المساجد، ومنها التعرف على بيوت الله تعالى.. إلخ إلى غير ذلك من الفوائد التي تعم على المسلم من كثرة خطاه إلى بيوت الله تعالى، وهنا نسأل أين أطفالنا من هذا كله؟ أين اصطحابهم إلى بيوت الله معنا؟، وهنا يذكر الشريف قصة صادفته حيث يقول: (ذات يوم بعد انتهاء صلاة التراويح، دعاني أحد الإخوة المصلين إلى بيته، فقبلت الدعوة وذهبت معه، وعندما وصلنا إلى البيت لفت نظري ابنه الصغير الذي يبلغ من العمر تسع سنوات تقريبًا وهو يبكي بشدة، فسألته ما يبكيك يا صغيري فقل لي: لأني أردت أن أذهب للصلاة مع أبي لكنه رفض!، وعندما سألت الأب قال لي نعم رفض اصطحابه خشية أن يشغلني خاصة أني كنت ذاهبا مع أصدقائي ولم يصطحب أحد منهم أبناءه) وهنا يوجه إمام جامع محمد الآمين رسالة لهذا الأب وغيره ممن يرفضون ذهاب أطفالهم معهم إلى المسجد: (إذا لم تدرب أطفالك على الصلاة والأنس بالعبادة في بيت الله وخاصة بشهر رمضان فكيف يعرف قيمة التراويح وقيمة الخطى للمساجد وثوابها الذي حثنا عليه نبينا عليه الصلاة والسلام؟ خاصة إذا كانت أعمار أطفالنا تساعدنا على ذلك فمن تعدى السابعة يمكن أن ندربه على الصيام وأن نصحبه معنا إلى المسجد وأن نشاركه قراءة القرآن، وأن نعلمه الكثير من العبادات التي ستكون له طريقا وسبيلا في نشأته. ويضيف: ألا تحبون أن تخصصوا لأولادكم أمكنةً بين أهل الصلاح والخير في الدنيا، بين عمار المساجد وزوارها، فعَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ كَانَ زَائِرَ اللَّهِ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ»، بين من يظلهم الله تعالى تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ...»، حقا إننا نحتاج أن نعلِّم أبناءنا فضل بيوت الله ورمضان هو مدرسة كبيرة لتعليم هذا الجانب المهم في تنشئة أطفالنا.