اختيارات: مــــــنار العــــــدوية -
قال تعالى: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)
الإنسان خلق ضعيفا..
وهذه صفة في أصل خلقه ..
لم يارب ؟ لم خلقتنا ضعفاء ؟
لقد خُلِق الإنسان ضعيفا ليفتقر في ضعفه إلى الله ..
فإذا افتقر في ضعفه إلى الله أصبح قويا ..
فالإنسان قوي بالله كلما افتقر إليه ..
وقال تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعا)
لقد خلق الإنسان هلوعا ..
والهلع هو الخوف الشديد ..
والهلع يدفع الإنسان إلى باب ربه ..
الهلع صفة سلبية في الإنسان ..
لكنها حينما توظّف في مكانها تصبح إيجابية ..
فخوفك من الله سبب نجاتك ..
والخوف أصل من أصول الدين ..
رأس الحكمة مخافة الله ..
أن تخاف الله القوي ..
أن تخاف الله الجبار ..
أن تخاف الله الحكيم ..
الوكيل
هل تشعر بضعفك ؟ وبأن الدنيا بتفاصيلها أكبر منك، وبأنك ريشة في مهب ريح الحياة الصاخبة ؟ هل تشعر أنك طائر قُصَّ جناحاه فهو خائر القوى، بحاجة إلى مساعدة ؟
هل لديك أشياء تخشى عليها، وتريد أن تجعلها في عُهدة من لا تضيع لديه الأشياء؟ سواء كانت هذه الأشياء: أبناء أو مالا أو صحة أو حياة ؟
إذن: فادلف إلى أنوار اسم الله الوكيل .
ابدأ بالتعرف من جديد على هذا الاسم الجليل ، غُصْ في أغوار معانيه، أرح نفسك من ضعفها، وقلقها، واستيحاشها بأن تجعلها تتفيأ ظلال الوكيل .
فاتخذه وكيلا ..
الوكيل هو الذي لا ينبغي أن تتوكل إلا عليه، ولا أن تُلجئ ظهرك إلا إليه، ولا أن تضع ثقتك إلا فيه، ولا أن تعلق آمالك إلا به.
أيُّ عمل تتوكل على الله فيه انسه تماما؛ لأنك إن توكلت على الله فهذا يعني أنك وضعت ثقتك في إتمام هذا العمل بمن يملك الأمور كلها ، ومن السماوات والأرض من بعض مربوباته، ومن يجير ولا يجار عليه .
هل هناك غنيٌّ على وجه الأرض يأمرك ألا تستعين إلا به ؟ وألا تتوكل إلا عليه ؟ وألا تلتجئ إلا له ؟ لا وجود لهذا الغني على الإطلاق؛ لأنه ليس من طاقة البشر أن يحموك من كل شيء ويكفُّوا عنك كل شيء ويعينوك على كل شيء.
الله وحده من يقول ذلك، ويفعل ذلك، ويقدر على ذلك،
التوكل يقين قلبي، يحيلك إلى سائرٍ تحت مظلة عظيمة تقيك من حر الهموم، ومطر المكائد، ورياح الدنيا المقلقة.. المحروم وحده هو من لا يقدّر هذه المظلة ومن لا يحاول السير تحتها.
كن هكذا حين النقد
الهدوء وضبط الأعصاب هما سلاحك حين تواجه مواقف النقد ويتعرض لك الناقدون.. إذ مهما كان أحدنا قمة في الأخلاق وضبط الأعصاب، إلا أن احتمالات الخروج عن التماسك كبيرة.. ونحن كبشر نتصرف غالبا أمام النقد والناقدين، بطريقتين غير محبذتين، إما أن ننسحب بهدوء من الموقف إلى أن يتوقف الناقد من نفسه تلقائيا، وهو فعل تصرف غاية في السلبية، أو أن ننفعل وندخل بعنف في الموقف وندافع عن أنفسنا بشكل وآخر، سواء كان أحدنا محقا أم خلافه، وهو أسلوب أكثر سلبية، بل هو متطرف شديد غير محبذ ولا مقبول. إذن التوسط في التعامل مع مثل هذه المواقف هو المطلوب.
لا ننسحب من مواقف النقد، إن كان الانسحاب سيؤدي إلى نتائج سلبية، ويترك الأمور معلقة غير واضحة ولا محسومة. بل الأصل أن نواجه النقد بكل عقلانية ومنطقية وهدوء أعصاب ، ونضع نصب أعيننا إحقاق الحق ولو على أنفسنا، ولو أدى إلى الاعتراف بالخطأ، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، وهذا أمر ليس بالسهل على كثيرين، لأنه موقف رجولي يتطلب أخلاق الرجال وعظمتهم .
لكن متى ننسحب من مواقف النقد ؟ نرفع راية الانسحاب سريعا إن كان الموقف مفتعلا من الناقدين لأهداف محددة سلفا، أو لهوى أو حاجات في نفوس البعض، وخاصة إن كان الانسحاب لا يؤدي إلى سلبيات وأضرار تلحق بالغير، فمثل هذه الانسحابات أعتبرها نوعا من الترفع والسمو عن أمور دنيا وهوامش لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولأن الدخول والاستماتة في مواجهة الناقدين أحيانا هو نوع من المهاترات التي لا تفيد أكثر مما تضر، وتضيع من الوقت الشيء الكثير.