حمادة السعيد -
شخص فقير جدًا.. ودخله لا يسمح له أن يشتري لعقة عسل واحدة..
ما ذاق العسل في حياته..
وقع تحت يده كتاب عن العسل فقرأه..
ففاضت دموعه تعظيما لله..
فسجد لله شكرا على هذه المعرفة التي امتنّ الله بها عليه..
هذا الفقير الذي لم يُتح له أن يلعق لعقة عسل واحدة..
حقق الهدف الأكبر من خلق العسل..
والإنسان الذي يأكل العسل بشكل دائم، ولم يتفكّر في هذا العطاء الكبير..
فقد عطل أحد أكبر الأهداف من خلق العسل !
واكتفى بالفائدة المادية البسيطة..
تفكر دوما في خلق الله..
الجبّار
هل هشّمتك الظروف ؟ وتواطأت ضدّك الكروب ؟ وتكالبت عليك الأزمات ؟
هل غير الفقر ملامحك ؟ وأجدبت الأمراض حقولك ؟ وجعلك اليتم تبدو ضئيلا ؟ وأحاطت بك النظرات المهينة ؟
روحك المنكسرة، قلبك المهشّم، أنفاسك الضعيفة تحتاج إلى من يجبر التهشّم والضعف والانكسار، لماذا لا تتعرف على اسم « الجبّار » لتجبّر بمعانيه الرحيمة كسورك، وتضمّد بظلاله جروحك، وتهدّئ بنسائمه عواصف روحك الهوجاء؟
قلبك المهشّم.. كيف تهشّم !
من معاني اسم الجبّار : الذي يجبر أجساد وقلوب عباده، فالعيش في كنف الإله يمدنا بمراهم الصحة، وضمادات السعادة، ومسكنّات الأوجاع، ومضادّات الهموم.
فهو سبحانه علم أن كسورا ستعتري عباده في أبدانهم وقلوبهم وحياتهم، كسورا تترك ندوبها على جباههم، وآثارها على أرواحهم، لذلك تولى جبرها برحمته، وسمى نفسه بالجبار، ليعلم عباده أنه هو القادر على جبرها فيلتجئون إليه.
إذا طرقوا أبواب الملوك، فاطرق أنت باب الملك الأعظم.. إذا وقفوا بذل بساحة أمير، فقف أنت بساحة الإله الأكرم..
إذا سافروا من مستشفى إلى مستشفى، فقم بالليل وقل : يا الله
بيده مفاتيح الفرج، والشفاء له خزينة عظيمة القدر والحجم،
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ).
مرض الاسترخاء !!
وإن لبدنك عليك حقا.. كما قال صلى الله عليه وسلم.
نعم نفسك أهم ما تملك.. وهذه الحقيقة تدعوك إلى أن تهتم بها وتعالج مشاكلها، وإضافة إلى أهمية تقدير ذاتك وإراحة نفسك والتخطيط لها من أجل أن تكون أسعد الناس.. لكن هناك مشكلة أو مرض قد يعترض أحدنا وهو يدير حياته ويرغب أن تكون إدارته على الوجه الأمثل، وهذا المرض هو ما يمكن أن نسميه بمرض الاسترخاء في الحياة، ولا أعني بالطبع ذاك النوع من الاسترخاءات المعروفة التي ينصح بها الأطباء والمعالجون النفسيون، وإنما ذاك الذي يصيب العقول، وبالتالي القلوب حتى يتأثر السلوك به..
الاسترخاء الذي أعنيه، ها هنا، يتمثل في أخذ الأمور بنوع من التساهل والاستهتار والبعد عن الجدية في التعامل معها، وطبيعة الإنسان أنه يميل إلى كسل. وطالما أنه لا يجد ما يدفعه دفعا إلى العمل والاجتهاد والإبداع في أية ناحية من نواحي الحياة، أو لا يشعر بإجبارية الظروف له للقيام بأمر ما، فإنه وبحسب أهواء النفس، سيركن غالبا إلى زاوية الاسترخاء، وفي هذا التركين تفويت لكثير من الفرص والإنجازات في الحياة.
ماذا عن التسويف؟ ألا يشبه الاسترخاء؟
لا فرق بينهما في حقيقة الأمر، فالتسويف يعني أن الظروف أجبرتك للقيام بأمر ما ولكن بعد بحث ونقاش، تقرر تأجيله أو تسويفه لحين، فيما الاسترخاء يعني القيام بالعمل إن أجبرتك الظروف لو بالحد الأدنى من الجهد، وهو في الحقيقة أفضل من التسويف على أقل تقدير، ولكنهما يظلان في دائرة الأمراض الحياتية التي تصيب أي شخص منا يدير حياته بشكل صحيح ويتسببان في تفويت الكثير من الفرص والإنجازات. أنصح نفسي أولا قبل الغير في هذا المقام، وهو أن يقوم أحدنا إن أصابه مرض الاسترخاء أو التسويف أن يعمل على النقيض أو العكس فقط.