يسجل حفظ للتنوع الثقافي العُماني بكل مفرداته وخصائصه ومميزاته -
العمانية : تُعد السلطنة من الدول الغنية بتراثها التاريخي الشفوي الذي يهتم بسرد الأحداث المهمة والمعلومات التاريخية التي لم يتم تدوينها أو الاهتمام بها وتتضمن في طياتها معلومات قيمة في الكثير من المجالات في تاريخ وعادات الوطن وتراثه ويتم ذلك باستخدام التسجيلات الصوتية أو العرض المرئي أو المقابلات الشخصية للأفراد أو الأسر، ويرجع ذلك إلى عظمة تاريخها الحضاري في كافة الميادين والمجالات. وأوضح الدكتور عبدالعزيز بن هلال الخروصي الباحث في التاريخ الشفوي العُماني لوكالة الأنباء العمانية بأن السلطنة تمتاز بتنوع فكري وحضاري حيث يشمل هذا التنوع الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والإدارية والفنية والرياضية وغيرها، وفي كل محور يحتوي بداخله على تقسيمات وتفريعات متعددة، وما على الباحثين إلا أنْ يشمّروا عن سواعد الجد والدخول في معترك العمل البحثي في التاريخ الشفوي، وهو ميدان خصب وواسع بحاجة إلى بحث ودراسة بعمق وتأمل بكل موضوعية. وأضاف أنه لم يكن للتاريخ الشفوي العُماني قبل عشر سنوات تقريباً ذلك الاهتمام الكبير الذي نراه اليوم، ولكن كانت هناك أعمال وجهود تقوم بها مؤسسات وجهات حكومية وعلمية وأفراد، غير أنَّ العام 2012م شهد انطلاقة أكثر تقدما من حيث أساليب جمع الرواية الشفوية وطرق توثيقها، وآلية تسجيلها، وتقنيات حفظها، فأُدخِلتْ إلى هذا الميدان أجهزة التسجيل والتصوير والحفظ المتقدمة، سواء من الجهات الحكومية مثل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ووزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التراث والسياحة وجامعة السلطان قابوس وكلية الشرق الأوسط وغيرها وكذلك الأفراد والأهالي، ويُعزى هذا الاهتمام إلى ازدياد الوعي لدى الجميع بأهمية تسجيل وحفظ الرواية الشفوية، وإلى توفر الأجهزة والمعدات التي يستعين بها الباحثين. وأضاف الدكتور عبدالعزيز الخروصي الباحث في التاريخ الشفوي العماني: إن المتأمل في واقع التاريخ الشفوي العُماني في هذا الوقت سيجد أنه يحظى بالعناية والاهتمام من قبل الحكومة وكذلك الأفراد، وتأتي هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في طليعة الجهات الحكومية الفاعلة في هذا الميدان، إضافة إلى وجود جهات أخرى لديها مشاريعها في هذا الجانب بالإضافة إلى الباحثين والمهتمين، وأننا نلمس الأعمال الفردية والأنشطة الأهلية الجماعية، وهو ما يؤشر على مدى وعي الجميع بأهمية المحافظة على الرواية الشفوية عبر توثيقها وتسجيلها وحفظها كما أن المتتبع للشأن التاريخي الوثائقي سيرى أن وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل والتسجيلات الحديثة أسهمت في حفظ بعض مجالات التاريخ الشفوي أو أجزاء منه من خلال المقابلات والحوارات التي تجرى مع الشخصيات ذات العلاقة، أضف إلى ذلك بعض الأفلام والتسجيلات الوثائقية التي تُسلّط الضوء على موضوع معيّن أو فترة زمنية أو منطقة بذاتها. وأشار إلى أن التاريخ الشفوي يحفظ التنوع الثقافي بالسلطنة حيث إن التاريخ الشفوي لا يمكن تسجيله بلون واحد، أو لجماعة دون غيرها، أو أن تستأثر به منطقة بعينها، أو فئة واحدة على حساب فئات أخرى، ومن الثابت أن تسجيل وحفظ التاريخ الشفوي هو حفظ للتنوع الثقافي العُماني بكل مفرداته وخصائصه ومميزاته. وأضاف بأنه كثيراً ما تُطرَحُ التساؤلات حول مقدرة التاريخ الشفوي على الصمود والاستمرارية في وجه المتغيرات والظروف التي تلم بالرواة، وإنْ كانت هناك مقولة تقول إن التاريخ الشفوي سينتهي قريبا، غير أننا لا نتفق مع هذا الرأي، فالتاريخ الشفوي يتوسع ويتطور والمتأمل يعي جيدًا بأن التاريخ الشفوي لن ينتهي، بل هو تاريخ حيّ ومتطور ومتجدد ومستمر ما دامت الحياة باقية، فكل جيل يضيف من معارفه وخبراته وعلومه إلى الجيل الذي سيأتي بعده الشيء الكثير، ومن الثابت أن تسجيل وحفظ التاريخ الشفوي هو حفظ للتنوع الثقافي العماني بكل مفرداته وخصائصه ومميزاته. وقال الدكتور عبدالعزيز بن هلال الخروصي الباحث في التاريخ الشفوي العماني حول آفاق البحث في التاريخ الشفوي إنَّ الباحثين في تسجيل وتوثيق وحفظ التاريخ الشفوي يتميزون بمقدرتهم على الجمع بين العمل المكتبي والميداني والبحث المستمر عن المعلومة من مصادر مختلفة، والاطلاع على مراجع متعددة، وأنهم أيضا يُعملون الحس في البحث والتقصي، ليقوموا بإجراء المقاربات والمقارنات بين المعلومات التي حصلوا عليها في المصادر المكتوبة أو المطبوعة والمراجع الشفوية، إضافة إلى كون الباحث في التاريخ الشفوي يحصل على معلومات جديدة في كل مقابلة يجريها، ويطّلع على معارف متنوعة.