الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي - نريد التأكد من مشروعية استخدام لقاح جونسون آند جونسون المقرر وصوله إلى السلطنة وبقية اللقاحات، حيث إن بعض طوائف المسيحيين في أمريكا حذروا منه لدخول أنسجة أجنة مقتولة في صنعه، وقيل بأن الشركة بينت أن الاستخدام كان لشيء له علاقة بالأجنة. نريد منكم توضيحا وحكما شرعيا في هذا الموضوع. الجواب: إن الفتوى في مثل هذه القضايا لا تبنى على قيل وقال، ولا نأخذ ما يتعلق بديننا مما يراه غيرنا، لا سيما إذا كنا نعلم أن طائفة من هذه الكنائس لا تأخذ بالعلم أصلا. ديننا دين علم ونظر وفكر وعقل، ليس هو دين عواطف جوفاء لا علاقة لها بحقائق العلم، وبما يصل إليه العقل الإنساني، وبما هو في صلاح البشرية. هذه مسألة يجب أن تفهم، لأن بعض جماهير المسلمين اليوم يظن حينما يتحدث عن العالم الغربي أنه يستند إلى علم وثقافة ومعرفة، وهذا غير صحيح. لا زالت الكثير من الكنائس عندهم تعيش في عصور الظلام والجهل، وتعادي العلم وتعادي الإنتاج البشري العلمي والتقني. لا زال هذا الوضع قائما. إن كان بعض المسلمين لا يعرفه فذلك إنما هو من جهلهم ومن إكبارهم للغرب، ومن أمراض نفسية وقلبية تعتري نفوسهم وقلوبهم. الكثير من النظريات، بل أغلب نظريات المؤامرة، حتى تلك المتعلقة بحقائق علمية واضحة، كما أن الكثير من الخرافات والأساطير، لم تكن موجودة عند المسلمين لا في تراثهم ولا تأريخهم، مصدرها ومنبعها إنما هو هذا العالم الغربي، فهو، أيضا، مليء بهذه الخرافات والأساطير وبالإيمان بنظريات المؤامرة. ولا يقتصرون على مجرد التبني الفكري والثقافي لها، بل إنهم يصلون إلى حد العنف والوحشية في التعامل مع الآخر بسببها. ولذلك فحينما نجد في مثل هذه المسألة، على سبيل المثال، أن بعض الكنائس تحذر من هذا اللقاح فإن هذا ليس مما يمكن أن يدفعنا نحن إلى أن نقلد أو أن نعتد بمثل هذا الاعتبار، هذا باختصار شديد لا اعتبار له أبدا، بل سننظر في المادة العلمية التي تقررها المؤسسات العلمية الموثوق بها وتدرس كل هذه التفاصيل وينظر في الأحوال التي يحتاج إليها لهذا الدواء أو لذلك اللقاح ثم بعد ذلك تكون الفتوى الشرعية، استنادا إلى الأدلة الشرعية التي تدعو كل عالم أو مفتٍ أو مجتهد إلى النظر في هذه الوقائع بأسس علمية سليمة، وبتتبع لها في مظانها، وبسؤال أهل الاختصاص فيها، ثم بعد ذلك يكون الجواب. لا يظنّن ظان أن الفتوى الشرعية يمكن أن تصدر - إن صدرت من أهلها - اعتباطا أو تقليدا لبعض المؤسسات التي يمكن أن تقول بأنها مؤسسات دينية أو طوائف دينية أو غير ذلك، بل الواجب اليوم الحذر الشديد من مثل هذه المعلومات. ومما ينبغي التنبه له أيضا أن هؤلاء قد يقتطعون ويجتزئون مقاطع مرئية أو صوتية أو مكتوبة من هنا وهناك توهم المتلقي أنهم يستندون إلى شيء وما هي إلا تلفيق، وهذا التلفيق أريد توجيهه إلى نتيجة معينة لكنه في الحقيقة بعيد كل البعد عن الصحة والصواب. والله تعالى أعلم.