د. عبدالقادر ورسمة غالب - Email:AWARSAMA@WARSAMALC.COM - من وسائل الإثبات الثابتة التي ينص عليها القانون، توجيه اليمين الحاسمة «أسيروتاري أوث»، ويجوز لكل خصم بإذن المحكمة، توجيه اليمين الحاسمة لخصمه وللقاضي أن يقدر ملاءمة توجيه اليمين أو رفضها إذا قصد منها الكيد، أو أن الوقائع غير قريبة الاحتمال، أو سبق أن قام الدليل بطرق إثبات أخرى. ولا توجه اليمين إلا بناء على طلب الخصم وبإذن من القاضي، أو أن يعرض على الخصم العاجز عن الإثبات بأن من حقه تحليف خصمه اليمين إن أراد ذلك. ولا يجوز توجيهها من القاضي دون موافقة الخصم، بل ينبغي السؤال عن تحليف الخصم اليمين الحاسمة من عدمه. يطلب الخصم العاجز عن الإثبات تحليف اليمين. ويعد المدعى عاجزاً عن الإثبات مثلا، إذا صرح بعجزه عن الإثبات، لا بينة له، أو الشهود في محل بعيد ولا يعرف محل إقامتهم، أو امتناع الشهود عن الحضور، أو حضر الشهود ولم يشهدوا له، التناقض في الأقوال بما يؤدي لزعزعة الثقة بشهادة من شهد لصالح المدعي، أو شهود الخصم ردوا دعوى المدعى، وغيره من الأحوال وفق كل حالة. وللمحكمة تعديل صيغة اليمين التي يعرضها الخصم سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلبه. ولكن، ليس للمحكمة أن تدخل تعديلا على صيغة اليمين بما يخرج موضوعها عن الحدود المرسومة في طلب الخصم وما يجعله يتناول عكس القصد، وإذا فعلت المحكمة ذلك تجاوزت حدود سلطتها في التقيد بالحدود التي رسمها لها الطرفان. إذا كان الخصم متعسفا في توجيه اليمين الحاسمة يجوز للمحكمة رفض توجيهها، مثل أن ترد اليمين على وقائع لا تحسم النزاع أو غير متعلقة بشخص الخصم أو لا يدخل في سلطته الحلف عليها، أو إذا نازع الخصم الذي وجهت إليه اليمين في جواز توجيهها لأن موضوعها غير متعلق به أو أنه غير منتج في الدعوى أو غير حاسم أو اعترض على صيغتها أو طلب تعديلها. وعلى المحكمة الفصل في الاعتراض، وإصدار حكمها برفض اليمين أو توجيهها. ويجوز للخصم الذي وجهت إليه اليمين أن يرجع عن منازعته في توجيهها إذا لم تفصل المحكمة في النزاع، ولا يعد الخصم ناكلا قبل الفصل في منازعته. أما إذا توفرت شروطها وكان الخصم متعسفا يقصد الكيد أو اكتساب الوقت أو انصبت صيغة اليمين على وقائع بعيدة الاحتمال أو ثابتة ثبوتا جليا من المستندات المقدمة في الدعوى أو أن موجهها أراد أن يستغل ورع خصمه وشدة تدينه أو أراد بتوجيه اليمين تشكيك الجمهور في ذمة الخصم وإظهاره بمظهر حانث اليمين أو غير ذلك من الأسباب التي تملك المحكمة تقديرها. هنا، ترفض المحكمة توجيه اليمين الحاسمة، ومسألة التعسف في توجيه اليمين مسألة تقديرية متروكة للقاضي يقدرها وفق ظروف الدعوى. إن موضوع اليمين واقعة يدعيها المدعي وينكرها المدعى عليه، ويترتب على ثبوتها حق معين، ويكون هذا الحق موضوع اليمين مباشرة ويطلب المدعي من المدعى عليه مثلا أن يحلف بأنه ليس مدينا له بمبلغ أو لم يتفق معه... الخ. ويجب على من يوجه اليمين الحاسمة، أن يبين الوقائع التي يريد تحليفه عليها ويجوز أن توجه اليمين في أية حالة كانت عليها الدعوى، إلا انه لا يجوز توجيهها عن واقعة مخالفة للنظام العام أو الآداب ولا يجوز أن يكون موضوع اليمين جريمة جنائية أو دين قمار أو ربا فاحش وغيره من الحالات المماثلة. أما إذا كانت الواقعة غير مخالفة للنظام العام ولكنها مخجلة أو ماسة بكرامة الخصم الذي توجه إليه اليمين فإن ذلك لا يبرر منع توجيه اليمين، ويشترط أن تكون الواقعة موضوع اليمين منتجة في الدعوى بحيث تؤدي اليمين الى حسم النزاع، وأن لا يحرم أو يمنع القانون توجيه اليمين بشأن الواقعة، فإذا كانت الواقعة قد صدر فيها حكم فلا تقبل اليمين بشأنها. وينبغي أن تكون الواقعة متعلقة بالخصم الذي وجهت إليه اليمين الحاسمة، كأن يحلف بأنه لم يقترض المبلغ الذي يطلبه المدعي. أما إذا لم تكن الواقعة متعلقة بشخص الخصم الذي وجهت إليه اليمين الحاسمة، فيجوز أن يتم توجيه اليمين إليه، على علمه أو عدم علمه بالواقعة، كأن يحلف الوارث مثلا أنه لا يعلم أن مورثه كان مدينا. أعلاه بعض السمات الموجزة لليمين الحاسمة التي، في الواقع، تشكل قرارا حاسما لمن يرغب في توجيهها لخصمه عبر المحكمة. وهي أداة هامة ولها مفعول هام ومباشر في حسم النزاع، ولذا نقول إنها «القرار الحاسم» الذي يتخذه من لا يجد وسيلة إثبات أخرى. ومن دون شك، للمحاكم دور كبير في هذا الخصوص للمراقبة الحاسمة العادلة لاستعمال هذه الوسيلة الحاسمة وفق مقتضيات القانون.