العمانية: مازالت زنجبار حاضرة في أذهان الكثير من العمانيين وفي وجدانهم وما زال الكثير من حنينهم مربوط بها وكذلك تاريخهم وذاكرتهم، فقد كانت في يوم من الأيام عاصمة ثانية للإمبراطورية العمانية التي بسطت نفوذها على سواحل شرق أفريقيا وأجزاء كبيرة جدا من وسط أفريقيا إضافة إلى مساحات أخرى من الجزيرة العربية. وإذا كان قصر الحمراء في غرناطة أحد أهم رموز الوجود العربي في الأندلس فإن «قصر العجائب» أيضا يعد إحدى أيقونات الوجود العماني شرق إفريقيا.. وتحمل هذه المقاربة الكثير من الأبعاد الرمزية التي تدل على المكانة الكبيرة التي يحملها العمانيون لزنجبار في سياق تاريخهم المجيد. وأعلنت وزارة التراث والثقافة قبل أيام تمويل السلطنة لإعادة ترميم بيت العجائب تأكيدا للتراث المشترك بين البلدين وتأكيدا من السلطنة أنها تسعى للحفاظ على تاريخها وآثار الإنسان العماني في الداخل والخارج، ولاقت هذه الخطوة ترحيبا كبيرا سواء في السلطنة أو في زنجبار نفسها. أما بيت العجائب الذي بناه السلطان برغش بن سعيد بن سلطان عام 1883 فهو أعجوبة زمانه في زنجبار كما توثق الكتب وأدبيات تلك المرحلة أو حتى المراحل التي تلت ذلك. وهذا يتماشى مع النهضة التي أرساها سلطان زنجبار الثاني السيد برغش سواء في بناء القصور أو في تحديث دوائر الحكم في الجزيرة لتكون عصرية متوافقة مع ما كان يشهده العالم الأوروبي من تطور في تلك المرحلة. ويقع القصر فيما يعرف بالمدينة الحجرية في زنجبار ورغم أنه من ثلاث طبقات فقط إلا أنه كان المعلم الأبرز في زنجبار وفي أفريقيا في تلك المرحلة، فهو أول مبنى ينار بالكهرباء وأول مبنى يدخله المصعد الكهربائي. تقول بعض المراجع أن بيت العجائب بني في نفس موقع قصر ملكة زنجبار فطومة التي عاشت في القرن السابع عشر. عندما تقف أمام القصر تشعر بعظمه البناء، ورغم مضي أكثر من 136 سنة على بنائه إلا أن شموخه ما زال قائما إلى اليوم. اتخذه السلطان برغش بيتا له قبل أن يتحول إلى قصر للتشريفات والاستقبالات الرسمية. وصمم القصر مهندس في البحرية البريطانية وهو ما أعطاه تميزا عن بقية المباني التي كانت قائمة في زنجبار في تلك المرحلة. ولذلك يمكن مشاهدة الأعمدة الخارجية المصنوعة من الحديد والسقوف المرتفعة. أما مواد البناء المستخدمة فيه فكانت تعتمد على المواد الخرسانية والفولاذ ولكن أيضا دخل المرجان في استخدامات البناء ما أعطاه متانة وجمالا. وربطت ممرات قصر العجائب المرتفعة مساحاته بقصرين كانا مجاورين له هما بيت الحكمة وبيت الساحل. عند الباب الكبير الرئيسي للقصر يجد الزائر أسودا مصنوعة من النحاس وهذا يعيد للأذهان بهو الأسود في قصر الحمراء ورغم الفارق الزمني والقدرات التقنية إلا أن الزائر لا يمكن أن يتخطى هذا التقارب، وكذلك فكرة البهو الواسع في ساحة القصر عندما تدخل إلى أولى ساحاته. ويجد الزائر لبيت العجائب الكثير من النقوش القرآنية على أخشاب القصر سواء في أبوابه أو حتى في سقوفه. وتذكر المصادر أن فكرة الباب الواسع لمدخل القصر كانت من أجل دخول الفيلة إلى بهو القصر الرئيسي. كان البيت شاهدا على الكثير من المتغيرات التي مرت بها جزيرة زنجبار، أحداث سياسية غيرت مجرى التاريخ ورغم أنه تعرض للكثير من عمليات التخريب خلال تلك المتغيرات إلا أنه بقي شامخا ويضم في عمقه الكثير من الحكايات التي يمكن أن تروى عن الجزيرة وعن العمانيين الذين كانوا هناك يصنعون حضارة استثنائية في أفريقيا. لم يتضرر بيت العجائب كثيرا جراء الحرب الإنجليزية الزنجبارية في أغسطس من عام 1896 رغم التدمير التام لبيت الحكمة والجزئي لبيت الساحل لكنه احتاج إلى إعادة ترميم بعد ذلك بعام وفي تلك المرحلة بني برج للساعة في واجهة المدخل الرئيسي بدل المنارة التي كانت موجودة أمام البيت وتهدمت جراء الحرب. لم يبق بيت العجائب قصرا على مر السنوات بل تعاقبت عليه السنون فتحول في عام 1911 إلى مبنى حكومي ومكتب للأمانة العامة للحكومة البريطانية في زنجبار. ثم تحول إلى مدرسة بعد عام 1964، ثم إلى «متحف للحزب الأفرو شيرازي وقامت كوريا الشمالية بدعم تحويله لمتحف في تلك المرحلة». الآن البيت هو متحف من المتاحف التي يقصدها زوار جزيرة زنجبار، ويجد الزائر الكثير من عظمة العمانيين سواء على مستوى البناء المعماري أو على مستوى المقتنيات من أعمال فنية أو بقايا مدافع أو مقتنيات تدل على التحولات التي أحدثها سلاطين آل بوسعيد في الجزيرة. سيجد الزائر عند دخوله مدفعين من أصول برتغالية جلبها سلاطين عُمان من مسقط ويعودان إلى القرن السادس عشر وعلى أحدهما شعار للملك جون الثالث ملك البرتغال، كما يجد الزائر لوحة للتاجر المعروف تيبوتيب(حمد المرجبي) وصور متنوعة لسلاطين زنجبار، وللكثير من مقتنياتهم ومقتنيات قصورهم.